الغزو الفضائي الإيراني للمنطقة العربية.. وخطوة نحو "الحلم" (الحلقة الرابعة)

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الغزو الفضائي الإيراني للمنطقة العربية.. وخطوة نحو "الحلم" (الحلقة الرابعة)

 شبكةاخبار الشرق الاوسط الدولية: في ظل المطامع الفارسية للدولة الإيرانية في المنطقة العربية وعلى الرغم من اتباعها لسياسة رقابية صارمة على ما يدخل إلى بيوت مواطنيها، فإنها تستثمر أموالاً طائلة في وسائل غزوها الفضائي للعرب، وذلك بعد أن حشدوا الكثير من الخبرات والتقنيات عالية الجودة للتأثير عليهم من خلال القنوات الفضائية، فالتبشير الشيعي ممنهج جداً، ويقتحم البيوت العربية من خلال الأقمار الصناعية التي تشرف عليها الحكومات العربية من أهل السنة. وبلا أي مقدمات، ولكن بنية مبيتة وتوجه واضح بدأت تغزو فضاءنا التلفزيوني مجموعة من القنوات التلفزيونية ذات التوجه الشيعي، والممولة في غالبيتها من إيران، وهي تسعى جاهدة لنشر مفاهيم مختلفة عن مجتمعاتنا، وإعادة كتابة التاريخ وفق ما يتناسب مع الرؤية الإيرانية الشيعية في روايته. المتابع لوسائل الإعلام في الآونة الأخيرة يجد أن هناك حمى فضائية متسارعة وأحيانًا متصارعة في سياق متوازٍ مع حمى الاستقطاب الديني والطائفي في منطقتنا، ونستطيع بكل صراحة أن نقول: إن الفضائيات الشيعية أصبحت ظاهرة في الإعلام العربي وهي ظاهرة جديرة بالدارسة والرصد للموقوف على أخطارها وأثارها على حاضر ومستقبل الأمة.
بذخ إيراني على الساحة الإعلامية
لا يغيب عن كل مهتم بوسائل الإعلام ذلك الفرق الهائل بين "ما كان" و "ما أصبح" في مجال الترويج للأفكار والتأثير على المتلقي، بين عهد المنشورات وعهد الفضائيات، فالمنشورات حينما كانت الوسيلة المتبعة من قبل أصحاب المشاريع الفكرية أو السياسية كانت توزع في نطاق ضيق جداً، وربما لم يكن الناس يقبلون عليها و من وصلت إلى يديه منهم ربما لم يكن يوليها الكثير من الاهتمام، وينتهي بها المطاف إلى القمامة. ولم يدخر الإيرانيون جهداً في استغلال الفرص المتاحة أمامهم من عجز العرب من حولهم وملئ الفراغ الناجم عن غيابهم في الساحة الإعلامية السياسية، والقنوات الفضائية، شئنا أم أبينا، تدخل علينا في غرف جلوسنا، بل في غرف نومنا أيضاً، ولم تعد اليوم تصلنا قصراً عبر شاشات التلفاز، بل وأيضاً عبر الإنترنت من خلال أجهزة الحاسوب أو الهواتف النقالة. وتتمتع إيران بقدرات إعلامية هائلة يقابلها في الجانب العربي -المتوجس من السياسة الإيرانية- عجز مريع، فنجد على سبيل المثال لا الحصر أن إيران تمول نحو 35 فضائية شيعية في العراق فقط، وكثير من الإذاعات والصحف المحلية والمؤسسات الإعلامية هناك، ولعلنا بعد انتخابات 2005 في العراق رأينا نتاجاً عملياً لهذا النفوذ الإعلامي، حيث وصل المالكي المعروف بولائه الشيعي لإيران إلى سدة الحكم في تلك الانتخابات. وعلى العكس تماماً من ذلك، نحد الداخل الإيراني مفروض عليه عزلة إعلامية، فضلاً عن حجب الكثير من الوسائل الإعلامية العالمية عنه، حيث يعتبر اقتناء صحن تلقي البث الفضائي وجهاز توليف القنوات الفضائية من الممنوعات التي يمارسها كثير من الناس سراً وفي مخالفة للقوانين والإجراءات المعمول بها، كما أنه ليس متاحاً بسهولة في إيران، ما بات مظهراً عادياً من مظاهر الحياة في معظم دول العالم، ولذلك تجد المواطن الايراني يسترق السمع بحثاً عن المعلومة باذلاً الجهد في سبيلها بينما الاموال التي تضخ من قبل النظام في ايران لبث الدعاية السياسية للخارج تكاد تكون بلا حدود أو قيود.
سحر الإعلام ونشر الأفكار
كانت البداية عبر "سَحَر" الفضائية الإيرانية الناطقة بالعربية، والتي اشتهرت ببرامج الشيخ علي الكوراني والشيخ حبيب الكاظمي وغيرهم، وبدأ بثها في العام 1980 بساعة واحدة يوميًا، حتى وصلت ساعات البث إلى عشرين ساعة يوميآ، وركزت تلك القناة في بدايتها على الحرب العراقية الإيرانية ووضعت في استراتيجيها تمجيد الثورة الخمينية وشرح مزاياها مع بعض الغناء الكربلائي والبرنامج الدينية الشيعية، إلا أنها كانت محدودة الأثر بسبب الأوضاع السياسية في تلك الفترة، وسرعان ما تغير اسمها إلى فضائية الكوثر. ثم خرجت بعدها "الأنوار" التي اصبحت في وقتها أول قناة شيعية عربية دينية كاملة، حيث ان التوجه كان ديني اجتماعي فقط، دون سياسي. وظهرت قناة (المنار) اللبنانية التابعة لحزب الله، وقد بدأت بثّها على المحطات الأرضية في العام 1991 ميلادية ثم أصبح بثها فضائيا منذ عام 2000 ميلادية، وإن كانت الظروف السياسية وفقت عائقًا أمام انتشار قناة الكوثر إلا أنها أفادت قناة المنار بشكل كبير فقد أفادت قناة المنار من الظرف السياسي بشكل كبير حيث اكتسبت قاعدة عربية أوسع، بسبب ارتباط مابين القناة والمقاومة اللبنانية الإسلامية، كم أن بثها الفضائي ترافق مع انسحاب القوات الإسرائيلية المحتلة من الجنوب اللبناني. مما أعطى لها زخمًا ساعد على سرعة انتشارها في الأوساط العربية. ويحتوي القمر الصناعي المصري " نايل سات" على العديد من القنوات الإيرانية أو التابعة لها، فنحو 30 قناة تقدم المنهج أو التفكير الشيعي موزعة ما بين قنوات للأطفال، أو قنوات إخبارية وحوارية، قنوات اقتصادية وتعليمية، قنوات فنية وتراثية، وأخيراً القنوات الدينية التي تمثل الأكثرية في القائمة. أما بالنسبة للقمر الصناعي "عرب سات" فعليه حوالي 13 قناة شيعية "موجودة أغلبهم على النايل سات"، وجميع تلك القنوات تصاغ مادتها الإعلامية وفق العقيدة الشيعية وموجهة لخلخلة عقيدة أهل السنة والجماعة بل والسعي لتشييع أكبر قدر ممكن منهم ليصبح الولاء لإيران. وجود مثل هذه القنوات بتلك التوجهات على الأقمار الصناعية العربية تشكل خطورة غير عادية على الأمن القومي للدول، وتكوين قطاع عريض من المواطنين المفتونين بالرموز الشيعية بل والمتشيعين أحياناً، وحينها سيكون ولاؤهم لإيران وليس لدولهم، كما أن خطر التشيع والولاء لإيران وقتها قد يطول بيوت المسئولين أنفسهم والمستقبلة لهذه القنوات عبر التلفاز لتختل دوائر المسئولية مستقبلاً. ولعل من أهم تلك الفضائيات "الأنوار الأولى - الأنوار الثانية - الحجة - المعارف - فورتين - قناة المهدي - "قناة فدك" - الفرات - بلادي - كربلاء - الثـقلين - الغدير - الاوحد - العهد - الكوثر - المنار - المسار - المسار الأولى - الكوت - العالم - مجموعة العراقية - الفرقان - طه - السلام - بريس تي في - الاتجاه - هدهد للاطفال - - IFilm قناة الأفلام - هادي للاطفال - قناة الولاية - قناة المصطفى - الامام الرضا - الدعاء الفضائية - الصراط الفضائية - النعيم الفضائية، ... وغيرها. وقد أثارت بعض تلك القنوات جدلا واسعا في الوسط الديني بشكل عام، مثل قناة "فدك" الفضائية المملوكة لهيئة خدام المهدي في لندن، وذلك بسبب مجاهرة القناة بمظلومية أهل البيت وتنتقد أعدائهم بشكل واضح وصريح، أما القناة الثانية فهي قناة "اللؤلؤة" التي تعرضت للتشويش ثم قطع البث بمجرد بدأ بثها على قمر النايل سات، وهي التي ظهرت بعد الثورة في ممكلة البحرين، بالإضافة لقناة "أهل البيت" التي توقفت بعد أن تم التشويش على بثها لمدة ثلاث سنوات، لانها تقوم بتغطية الشأن البحريني وعادت الآن عبر قمر مجاور لـ"النايلسات". ورغم كل تلك النجاحات الكبيرة والاختراقات المهمة، لم يلبث الاعلام الايراني أن تلقى ضربة قوية، لا أظنه تعافى منها حتى الآن، بسبب الموقف من ثورة سورية، فالموقف المؤيد للنظام في سورية عرى الازدواجية و النفاق السياسي لهذا الاعلام الذي وقف مع ثوار تونس ومصر وليبيا، إلا أن موقفه تغير تماماً مع بداية الثورة السورية. فروج لنظرية مفادها أن ما يجري في سوريا إنما هو مؤامرة إمبريالية دولية على المقاومة والممانعة، بينما تراه يمجد ثورة البحرين ويعتبرها انتفاضة مشروعة ضد الظلم والطغيان، وهذا تفسير للحدث لم يلق تعاطفاً ولا قبولاً لدي عامة الشعوب العربية والإسلامية. ولعل هذا الانكشاف أمام الجماهير، والذي أدى إلي عزوفها عن مشاهدة قنوات مثل "العالم" أو "المنار" أو Press TV هو الذي دفع الإيرانيين أو بعض أنصارهم إلى تمويل إنشاء قناة عربية جديدة، هي "الميادين"، في محاولة متجددة لاختراق الساحة الإعلامية العربية من خلال خطاب داعم للموقف الإيراني ولكن بأسلوب أكثر نعومة.
التشيع الناعم
هناك أكثر من أربع قنوات مخصصة للطفل، وهي تبث برامجها الكرتونية وأغانيها، دون أي رقيب أو حسيب، وقد تبدو الصورة في ظاهرها غير مؤذية، فالغرض هو التسلية، لكن الحقيقة هي غير ذلك طبعاً، فنجد تلك القنوات تبث مغالطات كثيرة تصب في خدمة القضية التي أطلقت من أجلها وهي نشر التشيع، وذلك من خلال أفلام كارتون وأناشيد على مدار اليوم منها على سبيل المثال وليس الحصر كرتون يومي اسمه «صلاتي» من المفترض أنه يذاع من أجل تعليم الأطفال الصلاة والصوم وغيرهما، و نجد مشهدا يتكرر كثيراً وهو لفتاة تصلي حيث تضع الفتاة حصاة عند السجود، وهذه الحصاة كما هو معلوم هي تقليد شيعي وتسمى «التربة الحسينية»، وقد تدفع متابعة الأطفال مثل هذه الصلاة إلى تقليدها في ظل غياب رقابة الأهل، وتحاول تلك القنوات التأكيد على أن المذهب الشيعي هو الطريق لدخول الجنة!. كما تتمثل خطورة القنوات الشيعية التي تطعن في الصحابة وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم، في محاولتها ترويج الضلالات الشيعية، وقذف الشبهات العقيدية في أوساط أهل السنة والجماعة، وبنظرنا فإن أخطر ما في هذه القنوات هو ترك أطفالنا فريسة لسموم قنوات الأطفال الشيعية، والمتمثلة في تلك الجرعة المكثفة من البرامج الموجهة للأطفال سواء كانت من خلال قنوات مخصصة للأطفال، أو حتى برامج متفرقة في باقي القنوات الشيعية، فجميعها مصاغة وفق رؤية عقدية شيعية تنجرف بالأطفال غير المراقبين من الآباء، أو أبناء الأسر المغيبة إلى الهاوية.
الاحتواء الإيراني لشيعة العرب
تمول إيران العديد من الفضائيات الشيعية في الكثير من البلدان العربية، وكثير من الإذاعات والصحف المحلية والمؤسسات الإعلامية، ومن خلالها تروج للمشروع الشيعي وتصديره إلى الدول العربية عامةً ودول الخليج خاصة، وبات واضحاً عند غالبية المتابعين أن لكل حزب أو حركة أو مليشيا شيعية في المنطقة قناة تلفزيونية تروج لها ولبرامجها، وتشن حملات إعلامية ضد خصومها، ويدير هذا الأخطبوط الإعلامي الشيعي الضخم مؤسسات إعلامية إيرانية واسعة الخبرة والتمويل المالي. والقنوات الشيعية الممولة إيرانياً تسوق مشاريعها وتروج لها حسب ما رسم لها في طهران، فتمارس أدوارا نقدية لاذعة ضد خصومهم السنة من خلال فتح حوارات مباشرة مع الجمهور، وهذا بدوره يجسد الأزمة بين السنة والشيعة، وبالنهاية يكون الإعلامي الشيعي قد وصل إلى أهدافه المرسومة من قبل الممول الإيراني والاستراتيجية التي تريد إيران تطبيقها في المنطقة. وعندما نتكلم عن احتواء إيران لشيعة العراق مثلاً، فإنهم قد عملوا بعدة مسارات أولها احتواء الرموز الدينية، وفتح المجال لتدفق المخابرات الإيرانية إلى العراق، وتسخير الإعلام، وصرف الأموال الطائلة لهذا الغرض، وهذا كله يجعل شيعة العراق تحت تحكم إيران تستخدمهم حسب إرادتها وضمن برامجها للتأثير في السياسة الإقليمية والدولية وقت الحاجة إليهم "كما يحدث الآن" في أزمة تنظيم "داعش" في العراق وسوريا، وبنفس الطريقة في اليمن عن طريق تمويلهم لجماعة "الحوثيين" (وهذا ما سنتناوله في حلقاتنا القادمة).
والأهم من كل هذا الأن أننا في عصر اشتبك فيه الديني بالسياسي، فأصبح من العسير التفريق بينهما، ومخاطر تلك القنوات الشيعية لا يقف عند حدود العقيدة والدين، لكنها تمتد لتلامس الأوضاع السياسية للدول السنية، وأمنها القومي بالشكل الذي يؤثر على استقرار تلك البلاد ومستقبلها.
.....................
لا يوجد لدى العرب المتوجسين من المشروع الإيراني وسائل إعلامية مؤهلة لتوجيه رسائل سياسية أو تحليل سياسي إلى الشعوب الإيرانية رغم أهمية الوصول الى شارعهم غير المنسجم بمجمله مع النظام الإيراني. علينا أن نتذكر أن ما نبثه يصبح عديم الفائدة بل ومضيعة للمال والجهد إذا لم يجذب قطاعاً مقدراً من المشاهدين المستهدفين بالبث، ومعظم القنوات السنية التي تتكلم عن المشروع الايراني تخاطب شريحة ضيقة من المشاهدين تنسجم توجهاتها مع توجه القائمين على هذه القنوات والمحددين لسياساتها التحريرية.


التصنيف :
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات جريدة اخبار الشرق الاوسط الدولية اخبار الشرق الاوسط الدولية الدولية نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل الموضوع من الجريدة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي قبل نقل أي موضوعالمرجوا زيارة صفحة الخصوصية
نسخ الرابط
نسخ للمواقع

0 التعليقات:

مؤشر الزيارات

facebook

اخر التعليقات

شارك معنا

أرشيف الموقع

تغريدات تويتر

أحاديث الحبيب عليه الصلاة والسلام

Check Page Rank
تصميم و تطوير : midestnews
اخبار الشرق الاوسط الدولية © 2016