حرب الخليج وبداية فرض حلم "الإمبراطورية" على العالم العربي (الحلقة الثانية)

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
حرب الخليج وبداية فرض حلم "الإمبراطورية" على العالم العربي (الحلقة الثانية)


شبكة اخبار الشرق الاوسط الدولية: شهدت الأحداث السياسية في كل من العراق وإيران في عام 1979، تطورات بارزة حيث أعلن في إبريل عن قيام الجمهورية الإسلامية في إيران ليتولى بعدها الخميني منصب المرشد الأعلى للثورة الإسلامية وهو المنصب الأعلى في النظام السياسي الإيراني في حين أصبح صدام حسين رئيسا للجمهورية العراقية في يوليو 1979 خلفا للرئيس أحمد حسن البكر الذي أعلن أنه استقال من منصبه لأسباب صحية. لم تتوقف طموحات الخميني عند الإطاحة بحكم الشاة واقامة ما يسمى بالجمهورية الإسلامية التي تحكم بولاية الفقيه، وانما امتدت هذه الطموحات لتكون حلم قديم قد ساور الجميع هناك، حلم العودة إلى الماضي واستعادة الإمبراطويرة الفارسية والنفوذ الممتد على طول الأراضي العربية، ولكن بصبغة إسلامية تحت راية الخلافة. كما وجه الخميني الذي جعل نفسه "هبة إلاهية" للعرب والمسلمين، شعار "تصدير الثورة" في وجه الحكام العرب، وأخذ في التخطيط للحصول على ثروتهم النفطية الهائلة، التي يراها كفيلة لتمويل امبراطوريته الفارسية الشيعية.
التوجه الإيراني نحو الخليج
تحشد إيران قواها فى منطقة الخليج العربي من أجل تحقيق حلمها الذي طالما تسعى إليه الثورة الخمينية وهو الهلال الشيعي بمنطقة الشرق الأوسط يضم دول الخليج والعراق والأردن حتى سورية ولبنان. قام الخميني بوضع الايات الشيعية خريطة طريق له لتحقيق مشروع الإمبراطورية بالتمدد في الوطن العربي، وذلك عن طريق مجموعة محددة من النقاط: 1- احتواء التيار الديني في العالم العربي وتوجيهه نحو خدمة المصالح الايرانية وفي هذا المجال صدرت التعليمات الى الدبلوماسيين الايرانيين لاقامة علاقات وصلات مع زعماء الحركات الاسلامية(السنية) ودعوتهم لزيارة ايران حيث يمكن اقامة علاقات تنظيمية ومالية تساعد على جعل هذه الحركات نصيرة لايران اوعلى الاقل منسجمة مع طروحاتها وخير مثال الحركات الاسلامية الموالية لايران في لبنان وفلسطين. 2- زيادة عدد المساجد والحسينيات الشيعية والتوسع في اشهار وانتشار الاحتفالات كاحتفال يوم عاشوراء ويوم المولد والعزاءات في الدول المستهدفة، بل إن العديد من الحسينيات مدعومة مباشرة من حزب(الله) الشيعي اللبناني. 3- ضرب الاسس الثلاثة التي تبنى عليها الدول وهي القوة(السلطة الحاكمة)-العلم(العلماء والباحثين)-الاقتصاد الذي هو اساس الحركة في المجتمع وعصب الحياة، وهم تجاه هذه المحاور الثلاثة يقومون بتشتيت رؤوس الاموال ونقلها من الدول المستهدفة الى دولتهم. 4- السيطرة على دول الخليج تعني لهم السيطرة على حلقوم الكرة الارضية من حيث المخزون النفطي وهذا يوضح كثرة انتشارهم وتغلغلهم في شركات النفط في الخليج العربي حتى إن ايران اتفقت مع قطر على ادارة مشتركة لحقل الغاز المتنازع عليه بين الدولتين. 5- تحسين العلاقات مع الدول العربية المجاورة لايران وانشاء علاقات ثقافية وسياسية واقتصادية معها تمهيدا لغزوها عقديا وفكريا. 6- شراء الاراضي والعقارات عن طريق عملائهم حتى لو كانوا من ابناء الدول المستهدفة. 7- نسج علاقات حميمة وصداقات متينة مع اصحاب رؤوس الاموال والموظفين الاداريين وكبار رؤوس الدولة والاساتذة الجامعيين والمثقفين والمفكرين، واغرائهم بالهدايا الثمينة تدفعهم ليبيعوا دينهم ويخونوا بلادهم. 8- يعتبر الشيعة العرب رأس حربة وحصان طروادة الذي يسهل للمشروع الشيعي الفارسي اقتحام العالم العربي لذلك عليهم الانخراط والانتشار في جميع الوظائف الحكومية والقطاعات العسكرية وذلك لسيطرة على اهم ثغور المسلمين كما هو الحال في الجنوب اللبناني. 9- اثارة الصراعات ونشر الفتن في الدول المستهدفة من اجل اضعافها. وقد نصبت الجمهورية الخمينية نفسها على أنها منارة للثورة تحت شعار "لاشرق ولاغرب"، داعيةً الشعوب العربية إلى الثورة لتغيير ما وصفته بالظلم الاجتماعي والملكيات والتأثير الغربي، والفساد في الشرق الأوسط وباقي أنحاء العالم، وبناء على نهج الخميني قامت إيران بتصدير الثورة إلى الدول المجاورة ممثلا ذلك باحداث سلسلة من الانفجارات في الجامعة المستنصرية شبيهة بتلك التي سبقت القيام بالثورة الإيرانية في محاولة لتأجيج الشارع العراقي ومن ثم القيام بالثورة في العراق على غرار الثورة في إيران ، كما قامت أيضا بقصف بعض المناطق الحدودية في محافظتي ديالى والكوت ما اعتبره العراق خرقا لاتفاقية الجزائر ومحاولة من إيران لغزو العراق. فقام الرئيس العراقي صدام حسين بإلغاء اتفاقية الجزائر لعام 1975 مع إيران في 17 سبتمبر 1980 واعتبار مياه شط العرب كاملة جزءاً من المياه الإقليمية العراقية، وفي 22 سبتمبر 1980 هاجم العراق أهدافًا في العمق الإيراني، وردت إيران بقصف أهداف عسكرية واقتصادية عراقية، لتبدأ حرب الخليج الأولى التي استمرت حتى عام 1988، عندما قبل الخميني هدنة بوساطة الامم المتحدة.
مخطط "نوجة" وبداية الحرب
مخطط "نوجة"، هو حدث تاريخى عظيم يكاد لا يذكره مؤرخ ولا يضمّه كتاب تاريخ كمثل كل الأحداث المشابهة له، فـ“نوجة” كانت مخطط إنقلاب عسكرى أتبع الثورة الإسلامية فى إيران بقرابة العام، قامت بالتخطيط له كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة الأردنية الهاشمية والجمهورية العراقية وبعض الضباط الإيرانيين الموالين لرئيس وزراء الشاه السابق “بختيار شابور” الذى فرَ إلى باريس إبان الثورة الإيرانية، وقد أُطلق علي مخطط الإنقلاب العسكرى “نوجة” تيمنا بقاعدة جوية فى همذان، إلا أن هذا المخطط فشل وانتهى بإعدام أغلبية الضباط الإيرانيين المشاركين فيه. إلا أن الرئيس العراقي صدام حسين قرر إتمام المخطط بدون معونة الضباط الإيرانيين، ليبدأ بذلك حرباً ضروساً دامت 8 سنوات عجاف حصدت أكثر من مليون قتيل ولم تبق ولم تذر. بعد قيام الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 تأزمت العلاقات السياسية بين العراق وإيران، حيث تبادل البلدان سحب السفراء بدءا بسحب السفير الإيراني من العراق في 8 مارس 1980 وخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي في 4 سبتمبر 1980 اتهم العراق الإيرانيين بقصف البلدات الحدودية العراقية، واعتبر العراق ذلك بداية للحرب.
حرب الخليج الاولى والتمويل الإسرائيلي لإيران!
حرب الخليج الأولى، هي حرب نشبت بين العراق وإيران من سبتمبر 1980 حتى أغسطس 1988، أطلق عليها من قبل الحكومة العراقية آنذاك اسم "قادسية صدام" بينما عرفت في إيران باسم "الدفاع المقدس"، وقد خلفت الحرب نحو مليون قتيل، وخسائر مالية بلغت 400 مليار دولار أمريكي، وعرفت تلك الحرب بأنها أطول نزاع عسكري في القرن العشرين، وواحده من أكثر الصراعات العسكرية دموية، كما أثرت الحرب على المعادلات السياسية لمنطقة الشرق الأوسط وكان لنتائجها بالغ الأثر في العوامل التي أدت إلى حرب الخليج الثانية والثالثة. وفي أثناء الحرب حصلت كل من إيران والعراق على كميات كبيرة من الأسلحة والمواد الأخرى المفيدة في تطوير التسليح وأسلحة الدمار الشامل. كانت الميليشيات الكردية التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في شمال العراق تدعم إيران، فكلا المؤسستين تناهض حكم حزب البعث في العراق على أرض الواقع بدعم من إيران، في حين كان الحزب الإيراني المسلح المنشق "مجاهدي خلق" يدعم العراق وكان يشتبك مع القوات الكردية الموالية لإيران في شمال العراق بالقرب من الحدود الإيرانية. وبحسب تقارير غربية، قامت إسرائيل بعمليات إمداد أسلحة للجانب الإيراني عن طريق بيع أسلحة قيمتها 75 مليون دولار أمريكي من مخزون الصناعات العسكرية اليابانية وصناعات الطيران الإسرائيلي ومخزون قوات الدفاع الإسرائيلية، في عمليات سيشل عام 1981. كما قدرت مبيعات الأسلحة إلى إيران إجمالاً بـ 500 مليون دولار أمريكي في الفترة من عام 1981 إلى 1983 وفق ما ذكره معهد جيف للدراسات الإستراتيجية في جامعة تل أبيب، ولقد تم دفع معظم هذا المبلغ من خلال النفط الإيراني المقدم إلى إسرائيل، "وفقًا لأحمد حيدي" تاجر الأسلحة الإيراني الذي يعمل لصالح نظام الخميني، 80% بالكاد من الأسلحة التي اشترتها طهران" بعد شن الحرب مباشرةً أنتجت في إسرائيل. فضلاً عن قيام سرب الطائرات القتالية إف-16 فاينتج فالكون التابعة لـ القوات الجوية الإسرائيلية، بحراسة الطائرة إف-15 إيغل، بقذف المفاعل النووي "أوزيراك" في العراق وتدميره، "بحسب الصحفي نيكولاس كريستوف، لولا هذا الهجوم "لامتلك العراق السلاح النووي خلال الثمانينيات، ولكان لديها محافظة اسمها الكويت وجزء من إيران ولعانت المنطقة من الدمار النووي". في حين كان الممولون الماليون الأساسيون للعراق هي الدول الخليجية الغنية بالنفط، ومن أبرزها المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة. إلا أن المسؤولين الإيرانيين أثناء وبعد الحرب أصروا على نفي حصولهم على مساعدات من إسرائيل التي كانوا يدينونها باعتبارها "دولة غير شرعية"، ولقد أنكر آية الله روح الله الخميني، زعيم إيران أثناء الحرب، غاضبًا أن إسرائيل قد أرسلت أسلحة إلى إيران، وأكد في خطبة ألقاها يوم 24 أغسطس 1981، أن أعداء إيران يحاولون النيل من الثورة الإسلامية الإيرانية بنشر إشاعات كاذبة عن التعاون بين إسرائيل وإيران، وأن صدام حسين ما هو في الواقع سوى حليف لإسرائيل ودفعها لقصف وتدمير منشآت مفاعل أوزيراك النووي العراقي.
إيران ما بعد الحرب
في أعقاب الحرب بين إيران والعراق، ركز الرئيس الإيراني أكبر هاشمي رفسنجاني وإدارته على السياسة المؤيدة لقطاع الاعمال في عملية إعادة بناء وتعزيز الاقتصاد دون أي تقاطع دراماتيكي مع أيديولوجية الثورة. وقد نجح رفسنجاني بواسطة الاصلاحي المعتدل محمد خاتمي ومع ذلك، يعتبر على نطاق واسع سياسة خاتمي بأنها كانت فاشلة في تحقيق هدفه المتمثل في جعل إيران أكثر حرية وديمقراطية. وفي الانتخابات الرئاسية عام 2005، انتخب المرشح الشعبوي المحافظ محمود أحمدي نجاد، لمدة أربع سنوات بعد حصوله على 62.5 % من الأصوات، بعد انتهاء الولایة الثانیة للرئیس محمد خاتمي، كما فاز بنسبة قريبة منها أيضاً في الانتخابات الرئاسية عام 2009 وهي 62.63% من الأصوات، في حين حل منافسه مير حسين موسوي في المرتبة الثانية بنسبة 33.75 ٪. .....
في ظل الطموحات والهواجس المتلاطمة لدى العرب بين حلم إيراني بالـ"إمبراطورية الفارسية" وطموحات الأتراك باستعادة أمجاد "الخلافة العثمانية" ناهيك عن أحلام "الدواعش" بالخلافة الإسلامية على طريقتهم المتطرفة البعيدة عن سماحة الدين، ولا ننسى حلم الاحتلال بـ"اسرائيل الكبرى" من النيل إلى الفرات، في ظل كل هذه المخاطر التي تحيط بالوطن العربي، هل لنا أن نتسائل أين هي استراتيجية العرب للدفاع عن أمنهم القومي، وضمان موطئ قدم في خارطة جديدة تتشكل للإقليم، أم انهم سيكتفون بتكريس خلافاتهم وصراعاتهم!!.


التصنيف :
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات جريدة اخبار الشرق الاوسط الدولية اخبار الشرق الاوسط الدولية الدولية نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل الموضوع من الجريدة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي قبل نقل أي موضوعالمرجوا زيارة صفحة الخصوصية
نسخ الرابط
نسخ للمواقع

0 التعليقات:

مؤشر الزيارات

facebook

اخر التعليقات

شارك معنا

أرشيف الموقع

تغريدات تويتر

أحاديث الحبيب عليه الصلاة والسلام

Check Page Rank
تصميم و تطوير : midestnews
اخبار الشرق الاوسط الدولية © 2016