“اتفاق لوزان” والكابوس النووي لدول الخليج “إيران دولة نووية” (الحلقة الخامسة)

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
“اتفاق لوزان” والكابوس النووي لدول الخليج “إيران دولة نووية” (الحلقة الخامسة)



شبكة اخبار الشرق الاوسط الدولية : وسط تطمينات واهية وتحركات مسرعة ومخاطر محدقة تعيش منطقة الخليج العربي هذه الأيام في كابوس حقيقي يتمثل في الإعلان عن والتعامل مع دولة نووية إيرانية، في ظل وجود مؤشرات كثيرة تدفع باتجاه التوصل لاتفاق نهائي بشأن البرنامج النووي الإيراني، خاصة بعد اتفاق الإطار الذي تم بين طهران والقوى الكبرى أو ما يعرف بمجموعة (5+1) وعلى راسها الولايات المتحدة الأمريكية نهاية الشهر الماضي.
"الخطوة التاريخية"
"إنها خطوة تاريخية"، بهذه الكلمات وصف الرئيس الأميركي باراك اوباما اتفاق الإطار مع طهران بشأن ملفها النووي، معتبراً أنه سيمنعها من الحصول على سلاح نووي، وسيجعل العالم أكثر أمانا. هكذا صرح أوباما في بيانه المتلفز بعد الاتفاق مع إيران، واتفق معه في هذا الرأي كل من وزير خارجيته جون كيري، ومفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ووزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وروسيا (فيليب هاموند، لوران فابيوس، وسيرجي لافروف).


وكانت طهران قد أبدت مرونة حول حجم وأبعاد برنامجها النووي، إلا أنها لا تتساهل في قضية ايقاف هذا البرنامج، بل تعتبر الدعوة الى تجميده وايقافه خطا أحمر، وفي نفس الوقت فان الغرب لم يعد مصرا على تعطيل وتجميد البرنامج النووي شرط أن يبقى في مستوياته الدنيا. وتوصلت إيران ومجموعة الدول الكبرى الست إلى اتفاق إطار لحل أزمة البرنامج النووي الإيراني في مدينة لوزان السويسرية نهاية مارس الماضي، في خطوة أساسية على طريق التوصل إلى اتفاق نهائي بحلول الثلاثين من يونيو المقبل.
الاحتفالات تعم طهران
وفي العاصمة الإيرانية طهران، نزل مئات الإيرانيين إلى شوارعها للاحتفال باتفاق الإطار الذي تم التوصل إليه في مدينة لوزان السويسرية بين الدول الكبرى وإيران حول برنامجها النووي. وسير المحتفلون مواكب سيارة في جادة والي العصر، ما أدى إلى توقف السير في جزء من هذه الجادة التي تجتاز العاصمة من جنوبها إلى شمالها، فيما أطلق السائقون العنان لأبواق سياراتهم بينما راح المشاة يغنون ويرقصون على الرصيف.
تداعيات الإتفاق على الخليج
أصبحت دول الخليج العربي على موعد مع دولة "جارة" نووية ستزداد قوة إلى قوتها الحالية وعنجهية إلى عنجهيتها الراهنة بما سيفتح شهيتها نحو مزيد من التغلغل والتدخل في الشؤون الخليجية والعربية والاستمرار في السعي نحو الحلم القديم، حلم الإمبراطورية" ، إضافةً إلى تطوير دورها التخريبي الذي تقوم به سواء عبر تدخلاتها المباشرة أو عبر وكلائها وأتباعها وأذرعها من اشخاص وجماعات وأحزاب يلعبون دور سفراء للنوايا الإيرانية السيئة ووزراء خارجية لتلك الدولة الإيرانية ومدافعين عن أمنها وسلامتها ومنفذين لسياستها ويمثلون أدوات طيعة في يد الجمهورية الإسلامية. وعلى الصعيد الخليجي، تحدث الرئيس الأميركي باراك أوباما مع عدد من قادة دول مجلس التعاون الخليجي لإطلاعهم على تفاصيل ذلك الاتفاق، ودعاهم إلى اجتماع قمة معه في منتجع كامب ديفد لبحثه. وقد أشار بعض المحللين المختصين في شؤون الشرق الأوسط أن دول الخليج -خاصة السعودية- تتخوف من أن ذلك قد يكون مقدمة نحو اعتراف بتصاعد القوة الإيرانية في الخليج وباقي أنحاء المنطقة. وما يزيد القلق لدى الكثيرين المهتمين بالملف الإيراني وخطره على منطقة الشرق الأوسط بالكامل، هو تحذيرات المعارضة الإيرانية قبل أيام قلائل من أن حكام طهران ماضون في برامجهم للحصول على سلاح نووي، كاشفة عن موقع نووي سري جديد تخفيه طهران عن وكالة الطاقة الذرية وعن القوى العظمى التي تشارك في المفاوضات. وتباينت الآراء في صفوف المحللين والمراقبين لشؤون المنطقة بشأن تداعيات ذلك الاتفاق على سياسات التسلح في منطقة الخليج، وتحديدا في ما يخص السلاح النووي، حيث رجح البعض أن يطلق الاتفاق سباق تسلح نووي في المنطقة بينما استبعد كثيرون حصول ذلك، إلا أنهم يكادوا يجمعوا على أن الاتفاق سيكون باعثا على ارتفاع نفقات التسليح لدى بلدان الخليج العربي رغم التراجع الحاد لأسعار النفط. ومن جانبه توقع المحلل مير جواد أنفر -وهو إيراني المولد ومحاضر في الشؤون الإقليمية في مركز هرتسيليا بإسرائيل- أن تتصدى دول الخليج لتأثير إيران في المنطقة خاصة في العراق واليمن وسوريا، ورجح أن يتواصل ذلك التصدي بعزيمة أقوى مما سبق وبطريقة موحدة.
تحذيرات من اتفاق "لوزان"
لقي هذا الاتفاق معارضة من بعض الشخصيات والمحللين المتخصصين في الشرق الأوسط، فنجد رئيس مجلس النواب الأميركي جون بينر، ينتقده قائلاً: "إن إطار الاتفاق الذي أعلن يمثل "انحرافاً مثيراً للقلق" عن أهداف أوباما المبدئية"، مضيفاً "في الأسابيع القادمة سيواصل الجمهوريون والديمقراطيون في الكونغرس الضغط على هذه الإدارة بشأن تفاصيل هذه المعايير والأسئلة الصعبة التي بقيت بدون إجابات." وقد حذر بعض المحللين السياسيين من الاتفاق النووي الإيراني وتداعياته الإقليمية والدولية، مشددين على أن العرب سيعتبرون مخطئين تمامًا إذا عدّوا الاتفاق النووي الإيراني مسألة تفاصيل لم يُتفق عليها بعدُ، أو إذا اكتفوا بعدّ أنفسهم بندًا على قائمة الأضرار الجانبيّة للعلاقة "الأميركية ـ الإيرانية". فالتحدي الكبير هو تحوّل العرب إلى الذات الرئيسة الفاعلة في تاريخهم على الأقل، وهذا غير ممكن من دون دول إقليميّة قويّة أو اتحاد دول، وأيّ منها غير ممكن من دون إصلاحٍ في البنى السياسية لأنظمة الحكم العربية. وأضافوا أنّ اتفاق الإطار الذي جرى التوصل إليه بين إيران والقوى الكبرى هو بمثابة تتويج لصيرورة تحولات تاريخية دولية وإقليمية، لعل أبرزها هو تراجع الإدارة الأمريكية عن التدخل في الخارج، وصعود روسيا وتحالفها مع الديكتاتوريات ضدّ التدخل الأجنبي، وصعود الشعوب العربية كقوةً على مسرح التاريخ مطالبةً بالحرية والكرامة، وبنظام حكم ديمقراطي. وأشاروا إلى التمدّد الإيراني الإقليمي عبر تقاطع مصالحها مع الولايات المتحدة في أفغانستان عام 2001، وفي العراق عام 2003، ومع نهوض الشعوب العربيّة الثوري عام 2011 لم تقف إيران مع تطلعات الشعوب، بل استغلّت هشاشة الدول العربية لتوسيع نفوذها. في حين أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الرئيس الأميركي باراك أوباما أن اتفاق الإطار حول الملف النووي الإيراني، يهدد بقاء إسرائيل، حيث يمهد الطريق أمام إيران لحيازة القنبلة الذرية. كما وصف مسؤول إسرائيلي الاتفاق بأنه "خطأ تاريخي، وسيؤدي إلى اتفاق نهائي سيء وخطير"، مضيفاً أنه "يمنح شرعية دولية للبرنامج النووي الإيراني الذي هدفه الوحيد صنع القنبلة النووية"، حيث ستواصل طهران تخصيب اليورانيوم وستواصل الأبحاث والتطوير في ما يتعلق بأجهزة الطرد المركزي ولن تغلق أياً من منشآتها النووية بما فيها موقع فوردو تحت الأرض".
من يقود المواجهة ضد التوغل الإيراني!!
إذا كانت السعودية وتركيا يعمل كل منهما بطريقته الخاصة لمحاربة النفوذ الإيراني، فإن كلاهما يتنافس مع الآخر لقيادة الدول السنية في المنطقة في مواجهة إيران التي تحاول استعادة أمجادها السابقة عن طريق استعادة علاقاتها الطبيعية مع الولايات المتحدة الأمريكية وسعى الأخيرة إلى التخلص من إرثها الثقيل في الشرق الأوسط. وتتنافس كل من تركيا والسعودية على قيادة الدول السنية لاحتواء تطلعات إيران الإقليمية، لكنه في الوقت الذي مازالت فيه تركيا في مرحلة التصريحات والمواقف الدبلوماسية بدأت السعودية قيادة عملية عاصفة الحزم ضد المتمردين الحوثيين "الذراع الإيراني في اليمن"، وأصبحت وجهة السنة في العالم العربي لتجعل مكانتها الدينية مقترنة بمواقف قوية تضمن لها مرتبة القيادة. تركيا تريد أن تكون قائدا للدول الإسلامية السنية في الشرق الأسط، لكنها تواجه منافسة من السعودية التي بدأت في الآونة الأخيرة تسحب البساط من تحت أقدام الأتراك الذين وصف البعض مواقفهم بأنها مجرد تصريحات سياسية لا ترقى إلى حد الأفعال. وفي ذات الأثناء فإن تركيا لديها بعض التحفظات في تحد طهران، فهي تدفع في اتجاه طرق غير مباشرة مثل دعم المعارضة الإسلامية في سوريا وتوطيد مواضع أقدام لها في اقتصاد كردستان العراق، في ذات الوقت الذي تعمل فيه بصورة مباشرة مع الحكومة الشيعية في بغداد، لكن مؤهلاتها كدولة قيادية في مواجهة السعودية ستبقى رهن التساؤلات.
سيناريوهات محتملة
وفي سياق مختلف، حلل الدكتور عبد الوهاب القصّاب، الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، انعكاسات الاتفاق النووي الإيراني على التشكيل الجيوستراتيجي في المشرق العربي، وأكّد أنّ هناك سيناريوهين ممكنين يرتبطان بالطريقة التي سيعيد بها النظام الإيراني توجيه جهده وبنتائج عاصفة الحزم. وأوضح أنّ السيناريو الجيد يتوقع أن تصل «عاصفة الحزم» إلى تحقيق نتائجها النهائية وإعادة الشرعية إلى اليمن، وهو ما سيجعل الطرف الإيراني يدرك أنه ليس من مصلحته الذهاب نحو صراع إقليمي في هذا الوضع؛ لأنّ هناك طرفًا عربيًا يثبت أنه موجود ورقم مهمّ في المنطقة. أمّا السيناريو الأسوأ، فيتوقع أن يؤدي الاتفاق إلى تفرّغ إيران لإعادة بناء قوتها التسليحية، في مقابل تخلي السعودية والدول المشتركة في «عاصفة الحزم» عن المضي في العملية إلى غاية تحقيق أهدافها الكاملة، وهو ما سيعطي إشارة إلى عجز الطرف العربي عن فرض «التوافق بالردع» ويفسح لإيران مجال تدخلٍ أوسع في المجال العربي. أمّا السيناريو الأسوأ، فيتوقع أن يؤدي الاتفاق إلى تفرّغ إيران لإعادة بناء قوتها التسليحية، في مقابل تخلي السعودية والدول المشتركة في «عاصفة الحزم» عن المضي في العملية إلى غاية تحقيق أهدافها الكاملة، وهو ما سيعطي إشارة إلى عجز الطرف العربي عن فرض «التوافق بالردع» ويفسح لإيران مجال تدخلٍ أوسع في المجال العربي. إلا أنه يوجد سيناريو أخر بعيداً عن تحليل "القصاب" وهو تلك التصريحات التي كان كبار أمراء الأسرة الحاكمة قد ذكروها مرارا، عن أنهم في الرياض سيسعون للحصول على نفس الحقوق النووية التي تتفق القوى العالمية عليها مع إيران في المحادثات التي جرت في مدينة لوزان في سويسرا، ولمحوا أيضا إلى أنه اذا فشلت المفاوضات في منع طهران من امتلاك أسلحة نووية فإن المملكة ستسعى لامتلاكها. وقال «عبد العزيز بن صقر» رئيس مركز الخليج للأبحاث ومقره جدة وجنيف «إذا امتلكت إيران قنبلة نووية فإن السعودية سيكون عليها أن تفكر بجدية شديدة في موازنة ذلك، السعودية لن تقف مكتوفة الأيدي». ولم تغب عن الدول التي تفاوضت على الاتفاق المبدئي الإيراني فكرة أن المملكة وغيرها من دول الشرق الأوسط يمكن أن تسعى للحصول على نفس الشروط التي تحصل عليها إيران بموجب الاتفاق لإنشاء برامج نووية سلمية خاصة بها. وتعثر البرنامج النووي السعودي المقترح في السنوات الأخيرة بسبب خلافات على نطاقه وأي الهيئات الحكومية ستتولى السيطرة عليه لكن على الرغم من ذلك وقعت الرياض اتفاقيات للتعاون النووي مع عدة دول. ................
على الدّول العربيّة التي تخشى هذا التمدّد الإيراني أن تعمل على طرح مشروع دولة إقليميّة أو تعاون دول وطنية يمكنها التصدي للمشروع الإيراني، وظهر ذلك جلياً في التحالف العربي في اليمن، ولكننا لا نطالب بأن يكون التحالف عسكرياً فقط، بل أن يكون أكثر تعاوناً في كافة المجالات)، كما ظهرت بوادر تحالفات إقليمية أخرى بين المملكة السعودية وتركيا لمواجهة التمدد الإياني في المنطقة.



التصنيف :
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات جريدة اخبار الشرق الاوسط الدولية اخبار الشرق الاوسط الدولية الدولية نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل الموضوع من الجريدة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي قبل نقل أي موضوعالمرجوا زيارة صفحة الخصوصية
نسخ الرابط
نسخ للمواقع

0 التعليقات:

مؤشر الزيارات

facebook

اخر التعليقات

شارك معنا

أرشيف الموقع

تغريدات تويتر

أحاديث الحبيب عليه الصلاة والسلام

Check Page Rank
تصميم و تطوير : midestnews
اخبار الشرق الاوسط الدولية © 2016