"عاصفة الحزم" ووقفة عربية ضد المشروع الإيراني (الحلقة الأخيرة)

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
"عاصفة الحزم" ووقفة عربية ضد المشروع الإيراني (الحلقة الأخيرة)


 شبكة اخبار الشرق الاوسط الدولية: استشعرت الدول العربية الخطر الإيراني الذي أصبح وشيكًا على المنطقة ككل، لما يعرف عن الطموحات التوسعية للجمهورية الإسلامية، التي تسعى لاسترجاع أحلام تكوين "إمبارطوريتها الفارسية" على أرض العرب، خاصًة بعد تسوية نزاعها مع دول الغرب حول الملف النووي، ما قد يؤدي إلى إطلاق يد إيران في دول الخليج العربي، بعد أن حصل الاتفاق والذي بموجبه تم الإقرار بحق إيران في امتلاك المعرفة النووية وتخصيب اليورانيوم. أدركت دول الخليج أن توسُّع جماعة الحوثي ذي التوجه الشيعي سيمثل خطورة عليهم، إذ ستصبح محاطة من جميع الجهات، ابتداءً بإيران ثم العراق وانتهاءً بشمال اليمن والمنطقة الشرقية بالسعودية، وسيكون لإيران حينها تواجد على البحر الأحمر من خلال الحوثيين. قرار المواجهة الاستراتيجية مع إيران اتخذ بالفعل وعبرت عنه المملكة إعلاميا في أكثر من مناسبة، فالمملكة ومعاها الدول العربية أكدوا أنهم لن يسمحوا لإيران بالتمدد وتنفيذ مخططاتها في المنطقة العربية، وظهر ذلك جليًا في عملية "عاصفة الحزم"، التي جاءت "لوضع حد لتوغل إيران في المنطقة، وخوفًا من أن تتحول اليمن إلى سوريا جديدة بكل ما فيها من صراعات أهلية ومذهبية، وتجنبًا لتدخل إيراني معروف وليس محتملًا فقط، لم يكن أمام المملكة العربية السعودية وحلفائها سوى التدخل بعمليات "عاصفة الحزم"، وهو ما اعتبره بعض المحللين "تحالفًا استراتيجيًا" للعرب لمواجهة النفوذ الإيراني في الإقليم وإعادة التوازن له.
تحذير خليجي لطهران
منذ سقوط العراق بتواطؤ أمريكي إيراني، ودول الخليج استوعبت الدرس وقررت ألا يتكرر ثانية، وعندما اندلعت الأزمة اليمنية أخذت السعودية ومجلس التعاون الخليجي على عاتقه أن تحل الأزمة داخلياً (أي عن طريق المجلس دون تدخل من الخارج). حيث كانت إيران هي المستفيد الوحيد مما جرى، فباتت العراق باحة خلفية وذراعًا تستخدمه ضمن سياستها الخارجية في التفاوض مع الدول الغربية، ووضعت الدول الخليجية باتت بين فكي كماشة حلقة تتجه نحو الاكتمال. ومع تحكُّمها في مضيق هرمز والخليج العربي واحتلالها لثلاث جزر إماراتية تتواجد إيران بقوة اقتصادية وبشرية هائلة في الإمارات والبحرين والكويت والمنطقة الشرقية بالسعودية، وتسعى حاليًا لمدِّ ذراعها إلى شمال اليمن المتاخم للحدود السعودية عبر دعمها اللوجيستي لجماعة الحوثي الشيعية. كما بدأت إيران تصعِّد من لهجتها في إيجاد منافذ لها على باب المندب وخليج عدن، وفتح جبهة جديدة لزيادة رصيدها لدى أمريكا والغرب في حال دخول إيران في مفاوضات قادمة، وهو ما يلوح في الأفق. وقبل بدأ "عاصفة الحزم" بأيام، وجه وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل انتقاده للتدخلات الإيرانية في شؤون اليمن، مُتهما إياها بأنها الخصم الرئيسي للمملكة في منطقة الخليج، حيث مُحاولاتها المُستمرة لإثارة الصراع الطائفي، كما تعهد أيضا بأن تتخذ دول الخليج العربية الإجراءات اللازمة ضد الحوثيين في اليمن، في حال فشل مجهودات التوصُل لحل سلمي يضع حدا لما تشهده اليمن من صراع. كما غرد نائب رئيس الشرطة والأمن العام بدبي، الفريق ضاحي خلفان، عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، محذرا من أنه في حال سقوط اليمن في أيدي الإيرانيين، ستكون كارثة لأمن الخليج.
الموقف الإيراني من "عاصفة الحزم"
عاصفة من التصريحات المهاجمة للمملكة على خلفية حملة "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين، فقد اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أن أي تدخل عسكري من الخارج ضد وحدة أراضي اليمن وشعبها لن تكون له أي نتيجة سوى مزيد من القتلى وإراقة الدماء، وتنفي إيران أي دور لها في استيلاء المتمردين الحوثيين على صنعاء لكن مسئولين إيرانيين انتقدوا الرئيس هادي لرفضه الاستقالة واتهموه بالسعي إلى مفاقمة الأزمة، وقال قادة كبار في الحرس الثوري الإيراني، إن الثورة الإسلامية الإيرانية صدرت الآن إلى المنطقة وخصوصًا إلى اليمن وسوريا والعراق، وحذرت مرضية أفخم، المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية من أن العملية العسكرية السعودية التي تشن في إطار تحالف ستزيد من تعقيد الوضع واتساع الأزمة، وقالت لن يكون لهذا العدوان أي نتيجة، إلا أنه لم يصدر أي موقف أو تصريح رسمي من قبل المسئولين السعوديين تجاه تصريحات ايران المختلفة، والذي بدا كأن تصريحات قادة الجمهورية الاسلامية في ايران لا تعني للرياض شيئا ولم ترعَ لها أي انتتباه. كما أرسلت إيران في 8 أبريل الجاري المدمرة "البرز" والفرقاطة "بوشهر" إلى خليج عدن ومضيق باب المندب لتأمين الملاحة البحرية الإيرانية في المياه الدولية (كما زعمت)، هذا غير المساعدات العسكرية واللوجستية التي قدمتها للحوثيين خلال حربهم ضد الموالين للرئيس عبد ربه منصور هادي.
الموقف الأمريكي
لا يمكن لإدارة الرئيس أوباما السماح للحرب في اليمن بتقويض الاستقرار داخل السعودية، كما أنها في الوقت الراهن، لا تقوم بعمل الكثير من الناحية العسكرية خوفاً من ان مثل هذا التدخل سيوتر العلاقات الأمريكية-الإيرانية، في هذا الوقت الحساس الذي تتم المحاولة فيه للتوصل الى اتفاق نهائي حول البرنامج النووي الإيراني. وقال وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري إن واشنطن لن تتخلى عن "أصدقائها" العرب في الخليج في مواجهة إيران التي اتهمها بتسليح الحوثيين في اليمن. وقال كيري إن الولايات المتحدة على علم بالدعم الذي تقدمه إيران لمسلحي الحوثي في اليمن، مضيفا"واشنطن لا تتطلع للمواجهة مع إيران، لكنها لن تتخلى عن حلفائها وأصدقائها والتضامن مع كل من يشعرون بالتهديد نتيجة خيارات قد تتخذها طهران". وبدوره قال نائب وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن، الأربعاء، إن الاتفاق النووي مع إيران لا يعني أن تسعى الأخيرة لزعزعة الاستقرار في المنطقة العربية، مؤكدا أن واشنطن تقف بحزم ضد هذه الأفعال. وأوضح بلينكن في لقاء خاص مع سكاي نيوز عربية أن واشنطن كانت واضحة مع الإيرانيين بأنها لن تسمح بأي أنشطة من شأنها زعزعة الاستقرار في دول الجوار. وقال :"إننا نتشارك مع أصدقائنا في الخليج والمنطقة القلق بشأن الأنشطة الإيرانية في سوريا واليمن والعراق ولبنان"، مضيفا :" سنقف ضد ذلك حتما". ويرى مراقبون أن دعم واشنطن لتحالف "عاصفة الحزم" بات ينذر بتقويض الجهود مع الدبلوماسية الإيرانية في الملف النووي التي قد تلد اتفاق تاريخيا نهاية يونيو المقبل وليضع حدا لعقوبات أممية وأمريكية على قطاعات الاقتصاد الإيراني.
إيران ونظرية فرق تسد
مع تطور عملية "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين لعب الإيرانيين على نظرية فرق تسد، في محاولة منهم لتفكيك التحالف العربي من مصادر قوته، فتارة لعبت على تفكيك أوتار التحالف المصري السعودي عن طريق نشر بيانات منسوبة لأحد الجانبين ضد الأخر وإشعال حرب إعلامية إلا أنها فشلت في ذلك، لمدى صلابة العلاقات المصرية-السعودية، إلا أنها اتجهت للجانب الآخر القوي الذي من الممكن أن يعطي للتحالف قوة إضافية ، جمهورية باكستان التي لها علاقات تاريخية مع المملكة العربية السعودةي، فضلاً عن أنها دولة إسلامية ذات توجه سني، إلا أن إيران لم تفشل في إبعادها عن تحالف "عاصفة الحزم". فتوجه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى إسلام آباد في الـ8 من إبريل الجاري، وعقد لقاءً مشتركًا مع نظيره الباكستاني حول الوضع في اليمن، وخلال مؤتمر صحفي مشترك وصف ظريف الوضع في اليمن بالمتفجر، محذرا من مخاطر عواقب الأزمة اليمنية على المنطقة كلها. كما دعا إلى التخلي عن أي تدخل خارجي في الشؤون اليمنية، مشيرا إلى أن استهداف الطيران السعودي لمستشفيات وجسور ومنشآت صناعية وغيرها من الأهداف المدنية في اليمن يؤكد ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار. وبعد يومين من الزيارة الإيرانية، أعلن البرلمان الباكستاني رفضه المشاركة في الحملة العسكرية التي تقودها السعودية الحليف المقرب لباكستان، حيث صوت البرلمان الباكستاني في الـ10 من إبريل الجاري على رفض المشاركة في "عاصمة الحزم"، ردا على طلب سعودي للانضمام إلى الحلف. وتجدر الإشارة هنا إلى أن باكستان السنية هي القوة النووية الإسلامية الوحيدة، التي كانت من الممكن أن توفر رادعا حاسما لإيران في أي مواجهات مستقبلية محتملة.
توقف العاصفة وبداية إعادة الأمل
في 21 أبريل الجاري أعلنت قيادة التحالف عن توقف عملية عاصفة الحزم وبدأ عملية إعادة الأمل، وذلك بعد أن أعلنت وزارة الدفاع السعودية إزالة جميع التهديدات التي تشكل تهديدا لأمن السعودية والدول المجاورة، وبعد أن تم تدمير الأسلحة الثقيلة والصوراريخ البالستية والقوة الجوية التي كانت بحوزة ميليشيا الحوثيين والقوات الموالية لصالح. .........................................
منذ قيام نظام الجمهورية في إيران والعلاقات بين هذه الدولة ودول الجوار، وخاصة في منطقة الخليج، تمر بمنعطفات وتحولات، فتارة تصل إلى حدة التأزم وتارة يلوح بصيص أمل في التحسن والتطور، وهذه التصرفات الإيرانية ليست مستغرَبَة، لكن الخوف هو أن ينخدع البعض بما تقوم به من عمليات مكياج لتحسين صورتها أمام العرب عندما تقدم نفسها بأنها النصير الأوحد لقضايا الأمة، وهي في الخفاء تحيك المؤامرات لتدميرها والتحالف حتى مع من زعمت أنهم من أعدائها وأطلقت عليهم أشنع الأوصاف. بقي أن تكثف الجهود الدعوية لصد التمدد الإيديولوجي الصفوي، وإحباط المؤامرات الإيرانية، ولكن يبقى لنا أن نتسائل، هل من أمل في أن تُعَدِّل إيران من سلوكها وتصرفاتها، وتكف شرها وتدخلاتها!!.
كما ينبغي للعرب أن يفسدوا ذلك الحلم الاستعماري قبل أن يكون كابوسًا يصحو عليه الجميع


التصنيف :
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات جريدة اخبار الشرق الاوسط الدولية اخبار الشرق الاوسط الدولية الدولية نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل الموضوع من الجريدة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي قبل نقل أي موضوعالمرجوا زيارة صفحة الخصوصية
نسخ الرابط
نسخ للمواقع

0 التعليقات:

مؤشر الزيارات

facebook

اخر التعليقات

شارك معنا

أرشيف الموقع

تغريدات تويتر

أحاديث الحبيب عليه الصلاة والسلام

Check Page Rank
تصميم و تطوير : midestnews
اخبار الشرق الاوسط الدولية © 2016