"الموساد" والدور المشبوه في الدول العربية (الحلقة الثانية)

"الموساد" والدور المشبوه في الدول العربية (الحلقة الثانية)

شبكة اخبار الشرق الاوسط الدولية : لقاء سري يتم في الفنادق الفاخرة و أحيانا في الحانات والأسواق والأزقة بل وفي الأماكن الخالية على البحر والقريبة من الصحراء وعلى تلال الجبال وفي السيارات وفي الشقق وتحت الأرض وفي مثل هذه الأماكن يتم أحيانا التسليم والتسلم كما يتم أيضا "التجنيد" ويقصد بذلك تسليم الرسائل المشفرة وتجنيد الجواسيس ويُعطى لكل عنصر منهم رمز أو كود خاص به. فعندما تريد أجهزة المخابرات أن "تصنع" عميلاً متخصصاً في الاغتيالات والتخريب، فهي تنزع من قلبه خلايا الحب والشفقة والندم و الإنتماء لوطنه ، وتزرع مكانها الغلظة والقسوة والجفاف. التاريخ الطويل الحافل بالصراع بين المخابرات العربية والمخابرات الإسرائيلية، يحفظ لنا تفاصيل هذه القصص القليلة جداً، التي يطرق أبطالها أبواب السفارات الإسرائيلية في الخارج، ويعرضون "خدماتهم" ويكتبون بأيديهم وثيقة خيانتهم للوطن دون رغبة في الانتقام من نظام، أو تعويض خسائر معنوية، اللهم فقط – الحصول على المال الحرام بأسلوب سهل،أولئك الخوننة الذين أسلموا قيادهم برغبتهم الى مخابرات دولية معادية من أجل شهوة المال.
عبدالله الشيعي.. جاسوس الموساد الدميم
ولد عام 1931 بمدينة "الحلة" الواقعة على نهر الحلة لأب عراقي وأم إيرانية كان أبوها يهودياً أعلن إسلامه كذباً، فبعد أربعة أعوام في الجامعة حصل على ليسانس الآداب، وعمل بالتدريس بإحدى مدارس العاصمة، وكان عمره في ذلك الوقت خمسة وعشرين عاماً تقريباً. "دمامته" أبعدت الحب عنه والصديق، فانطوى على نفسه، تغلفه الوحدة، وتفتته الحسرة والكراهية، يود لو أنه يمتلك المال ليشتري أصدقاء، ومحبين، لكن إنساناً على شاكلته يعيش منفرداً مزوياً، لم يجد إلا "الكولية" منفثاً بين أحضان العاهرات لقد أحب إحداهن بجنون لكنها رفضته زوجاً لدمامته، فانقلب بعدها وحشاً مسعوراً يبحث عن المال حتى ولو كان ببيع الوطن!!. و في يوم أقدم "عبد الله" على خطبة فتاة فقيرة اسمها "سهيلة"، عاندها الحظ في اللحاق بقطار الزواج لحول واضح بعينيها، فوافقت على الزواج منه راضية بما قسم لها،الا انها اجت لديه أحلام الثراء من جديد،حتي أعلنت له سهيلة بخبر مولودهما القادم، فزلزله الأمر وغرق في تفكير عميق، فمن أين له بمصاريف الضيف القادم؟ وأخيراً لم يجد مفراً من العمل فترة مسائية، فجاب شوارع بغداد يسعى الى عمل إضافي، الىأن اهتدى بعد لأي ليهودي اسمه خوجه زلخا، كلفه بمساعدة ابنته المعاقة في دروسها. جلس عبدالله كالتلميذ أمام إيرينا ذات السبعة عشر ربيعاً، ألجم حسنها لسانه، وانتشى لبشاشتها معه وتبسطها في الحديث، فأحاط نفسه بأفكار وأوهام عديدة، صورت له خيالات الحب ، وود لو أنه لثم أظافرها في خلوتهما التي تطول وتطول. ففي بيتها التقى باليهودي الإيراني"عوازي سليمان"، عميل الموساد المدرب، ودارت بينهما الأحاديث المطولة، التي استشف منها العميل أن عبد الله لا يحلم سوى بالثراء، فلعب جيداً على هذا الوتر، وطير بخياله الى أحلام طالما عايشته في اليقظة، فتهفت نفسه الى صعود درجات الغنى، مهما كان الثمن فادحاً،ولتكتمل خطوط القصة أوهمه عوازي بأنه يمتلك عقلية فذة، وهو بحاجة اليه لإدارة إحدى مؤسساته التجارية التي يزمع إقامتها في بغداد، ومنحه مائتي دينار مقابل عمل دراسة اقتصادية للسوق. أدهشت التقارير عميل الموساد، إلا أنه أخفى دهشته وادعى تفاهتها، وفوجئ عندما صارحته إيرينا في انفرادهما بأنها تحبه، وطلبت منه أن يبذل قصارى جهده في التعاون مع عوازي، كي تنتعش أحواله المادية فيتزوجا. فقد عقله أمام اعترافها بحبه، ولم يسأل نفسه لماذا؟، منذ ذلك الحين انطلق عبدالله بلا أدنى خوف أو قلق، تدفعه رجاءات إيرينا ولهفته عليها، وبعد أربعة أشهر اكتشف حقيقة مهمته وظن أنه يعمل لصالح السافاك في إيران، وبرغم ذلك لم يتوقف أو يتخذ مساراً عكسياً، فقد كان المال وما يزال حلمه الأول الذي يسعى اليه، أما إيرينا فكانت حلمه الثاني الذي لن يتحقق إلا بالأول. وظل طيلة أشهر محاكمته مصراً على أنه متورط مع السافاك لا مع إسرائيل، لكن القرائن كلها كانت تدينه، وتؤكد عمالته للموساد.
" إبراهيم سعيد شاهين"

كما أن إبراهيم سعيد شاهين "فلسطيني- مصري" من مواليد مدينة العريش 1929، بدأ حياته الجاسوسية سنة 1967 بُعيْد احتلال إسرائيل لسيناء، وجنّد زوجته انشراح موسى وأولاده في العمل الجاسوسي. ومنح رتبة عقيد في الجيش الإسرائيلي سنة 1968، اعتقلته المخابرات المصرية وعائلته سنة 1974 بعد التقاطها مراسلات صوتية بينه وبين الموساد، وأعدم إبراهيم شنقًا وأفرج عن زوجته وأولاده خلال عملية تبادل أسرى مع إسرائيل.

"باروخ ذكى مزراحى"

أما باروخ ذكي مزراحي فهو يهودي مصري من مواليد القاهرة 1926، هاجر إلى إسرائيل سنة 1957 تابعًا فتاة يهودية يحبّها، ولم يتمكّن من الزواج بها بسبب القوانين الإسرائيلية، فـ"فورتينيه" من أم غير يهودية.

سامي الحناشي


سامي الحناشي تونسى الأصل، كان يطلق عليه اسم سليم بقة، ويعتبر من أشهر جواسيس إسرائيل في العالم العربي، وظل يمارس تجسسه وخيانته طيلة 30 سنة (1982-2012)، ونجح بشكل باهر في الاختبارات السيكولوجية المخصصة لانتداب عملاء ومعاوني الموساد، وليصبح بعد بضع سنوات ذراع الموساد الرئيسية الممتد في بلاد المغرب العربي.

ايلي كوهين - الجاسوس الذي كاد ان يصبح رئيسا لسوريا

إيلي كوهين (بالعبرية אלי כהן)، الياهو بن شاؤول كوهين (26 ديسمبر 1924 - 18 مايو 1965) يهودي من اصل سوري حلبي، ‏ولد بالإسكندرية التى هاجر اليها احد اجداده سنة 1924. عمل جاسوسا لإسرائيل في سوريا وفي عام 1944 انضم ايلي كوهين إلى منظمة الشباب اليهودي الصهيوني في الإسكندرية وبدا متحمسا للسياسة الصهيونية على البلاد العربية،‏ وفي سنة‏ وبعد حرب 1948 اخذ يدعو مع غيره من اعضاء المنظمة لهجرة اليهود المصريين إلى فلسطين وبالفعل في عام 1949‏ هاجر أبواه وثلاثة من أشقاءه إلي إسرائيل بينما تخلف هو في الإسكندرية ‏،‏وقبل ان يهاجر إلى اسرائيل عمل تحت قيادة (إبراهام دار) وهو أحد كبار الجواسيس الإسرائيليين الذي وصل إلى مصر ليباشر دوره في التجسس ومساعدة اليهود علي الهجرة وتجنيد العملاء‏،‏ واتخذ الجاسوس اسم( جون دارلينج‏) وشكل شبكة للمخابرات الإسرائيلية بمصر نفذت سلسلة من التفجيرات ببعض المنشأت الأمريكية في القاهرة والإسكندرية‏ بهدف افساد العلاقة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية و في عام 1954 تم إلقاء القبض على أفراد الشبكة في فضيحة كبرى عرفت حينها بفضيحة لافون، وبعد انتهاء عمليات التحقيق‏ كان إيلي كوهين قد تمكن من إقناع المحققين ببراءة صفحته إلي أن خرج من مصر‏ عام 1955‏ حيث التحق هناك بالوحدة رقم ‏131‏ بجهاز أمان لمخابرات جيش الدفاع الإسرائيلي‏ ثم أعيد إلي مصر‏ ولكنه كان تحت عيون المخابرات المصرية‏ التي لم تنس ماضيه فاعتقلته مع بدء العدوان الثلاثي ضد مصر في أكتوبر ‏1956. ‏ وبعد الإفراج عنه هاجر إلي إسرائيل عام ،1957 وقد رأت المخابرات الإسرائيلية في ايلي كوهين مشروع جاسوس جيد، انتقل إلى سوريا بعد أن رتّبت المخابرات الإسرائيلية له قصة ملفقة يبدو بها سوريًا مسلمًا يحمل اسم كامل أمين ثابت، وهاجر وعائلته إلى الإسكندرية ثم سافر إلى الأرجنتين، ووصل إلى دمشق بعد أن بنى علاقات واسعة مع الدبلوماسيين السوريين في الأرجنتين. انتهي به الأمر بـ"الإعدام"،وحاولت الكثير من الشخصيات الأوربية التوسط لتخفيف حكم الإعدام عن الجاسوس ، دون جدوى ، ونفذ الحكم عليه صباح يوم 19 مايس 1965.
"محمد سيد صابر"
أما محمد سيد صابر فهو مصري، وحاصل على بكالوريوس في الهندسة، ويعمل مهندسا في هيئة الطاقة الذرية، جنّدته المخابرات الإسرائيلية عام 2006 في هونغ كونغ. وأمدّ الموساد بمعلومات ومستندات هامة وسريّة عن أنشطة هيئة الطاقة الذرية والمفاعلات النووية، وكُلّف بدسّ برنامج سريّ في أنظمة حواسيب الهيئة تتيح للمخابرات الإسرائيلية الاطلاع على المعلومات المخزنة في هيئة الطاقة الذرية. وقُبض عليه فور وصوله إلى مطار القاهرة الدولي عام 2007، وأدين بتهمة التجسس لإسرائيل، وحكم عليه بالسجن 25 عامًا وغرامة سبعة عشر ألف دولار أمريكي، وعزله من وظيفته.
" طارق عبد الرازق"
بالإضافة إلى طارق عبد الرازق وهو مصري، ولد عام 1973 في القاهرة، وسافر إلى الصين بعد ضيق أحواله المادية، وبادر من تلقاء نفسه في بداية عام 2007 بالاتصال بموقع ويب لجهاز المخابرات الإسرائيلية، ليعلمهم أنه مصري مقيم في دولة الصين ويبحث عن فرصة عمل، ودون بياناته ورقم هاتفه.
فعالم الجاسوسية الغامض المثير مليء بالأسرار والمتناقضات، لذا فهي حقاً مثيرة جداً، قصص الخونة والجواسيس، تستهوي العقول على اختلاف مداركها وثقافاتها، وتنقلها الى عوالم غريبة، مختلفة، تضج بعجائب الخلق وشواذ الأنفس، فعلماء الإجتماع والسلوك عجزوا في فهم أولئك الخونة، وفشلوا في الكشف عن بذور الخيانة لديهم، أين توجد؟ وكيف تمددت لتتشبث جذورها بالشرايين عندهم والخلايا وتتحول في لحظات الى أحراش مظلمة بأعماقهم؟ فلكل جاسوس قصة، ولكل خائن حكاية غلفها العجب، وسربلها الجنون!! من النيل الى الفرات، خريطة تحتل مساحة كبيرة على أحد جدران الكنيست الاسرائيلي تذكر اليهود بحلم دولة إسرائيل الكبرى، الذي لم يزل يراود خيالهم. فأرض فلسطين المغتصبة ليست جل آمالهم، فقط هي نقطة بداية وارتكاز، يعقبها انطلاق، وزحف في غفلة منا، لتحقيق الحلم الأعظم.


اقرأ المزيد

نساء لعنهم "التاريخ" (الحلقة الأولي)

نساء لعنهم "التاريخ" (الحلقة الأولي)


شبكة اخبار الشرق الاوسط : على وجه اليقين، شيئاً عن حياة هؤلاء الأفراد الذين اختاروا «الفن القذر»، تنبع من معين الجشع والطمع وحب المال وضعف النفس ووهن الإيمان وغياب الولاء والانتماء والسعي لإرضاء الشهوات والوقوع فريسة للنزوات دون أن يقروا بمبدأ الرحمة ولا نداءات الضمير الذي قد يستيقظ فيهم أحيانا. "التجسس" عالم يطوي بين أجنحته إمبراطوريات وممالك ويقيم نظماً ويدمر جيوشاً وأمماً ويرسم خرائط سياسية للأطماع والمصالح والنفوذ، فمنهن من باعت الوطن والدين في سبيل حبها للآخر العميل و أخرى اعتنقت ديانة أخرى في سبيل إرضاء حبيبها الجاسوس، ومنهن أيضا من عملت ضد وطنها وضمت أفراد عائلتها والمحيطين بها في دهاليز الجاسوسية أو خانت قدسية زواجها ووطنها في سبيل لذة جنسية مع العدو إنهن نساء عاشقات في بحر الجاسوسية.

ماتا هاري "شيطان" في جسد امرأة



مامن رجل أو امرأة في ذلك الزمن إلا ويعرف اسمها إنها أشهر جاسوسة عرفها التاريخ. الراقصة "ماتا هاري""نجمة الصباح" بالأندونيسية. لكي نتحدث عن حياة "ماتا" وأسطورتها، ربما علينا أن نبدأ من نهايتها فهي أقرب الى التراجيديا الروائية والأسطورية، في الليلة السابقة لإعدامها، كانت خلعت ملابسها ورقصت أمام سجينتين وراهبتين عارية تماماً، وقد قالت عنها إحدى الراهبتين: "لقد شاهدتُ شيطاناً يرقص ويتلوى. إن ماتا هاري ليست إلا شيطاناً في جسد امرأة!"، أما عندما تقدم منها جندي ليعصب عينيها ويوفر عليها مشقّة مواجهة فرقة الرماية بعينين مفتوحتين، فقالت له: "لا داعي للرباط فقد تعذّبتُ بسبب جمالي، أضعاف هذا العذاب". كان ذلك يوم 15 من تشرين الأول 1917 على الأرجح كانت الراقصة مندهشة مما يحدث لها. لم تكن تدرك ماذا تفعل، لذا تعاملت مع الأمور بما يمكن وصفه "شجاعة غير مقصودة" أو غباء امرأة شقية فهي كانت مجرد امرأة شغفها المال والسعادة والجنس والرقص، وما بين هذه يحضر الشقاء والشيطنة بكل تجلياتهما. ولدت "ماتا هاري" عام "1876" من أم أندونيسية وأب هولندي واسمها الحقيقي "مارغريتا زيلا"، ماتت أمها وهي في الرابعة عشرة من عمرها وسرعان ما مات أبوها لاحقاً، وعندما أصبحت في الثامنة عشرة التقت بالكابتن "ماك ليود" فشغف كل منهما بالآخر، وبعد قصة حب عميقة تزوجها، لكن الكابتن الوسيم كان عصفوراً ينتقل من غصن إلى آخر ومن زهرة إلى أخري،وقد هجر بيته وانطلق وراء حياة السهر والمجون ومصاحبة الفتيات، بعد زواجهما بسنة أنجبت "ماتا هاري" طفلاً مريضاً يعاني من مضاعفات مرض "الزهري" وقد مات بعد سنة، وبعدها أنجبت طفلة أسمتها "باندا". مرة اصطحب الكابتن زوجته الشابة إلى البلاط الهولندي، فأدهشت الحاضرين بجمالها الغريب وملامحها الشرقية، فشعرت "ماتا هاري" حينئذ أنها لم تخلق لتكون زوجة تعيش في كنف ضابط متعدد العلاقات، وإنما خلقت لتكون ملكة!! عٌيّن الزوج بعد ذلك في مدينة "جافا" في الهند، وعاد لحياة السهر لعب القمار، وكانت "ماتا " تجيد الرقص الشرقي، فقد تعلمته من المعابد الهندوسية التي كانت تزورها، و كانت الحياة قد استحالت بينها وبين زوجها بسبب طموحها في الرقص، وتطور الأمر حتى انفصلا، وقد أخذ معه ابنته التي توفيت لاحقاً في عمر "21" عاماً، جن جنونها وفشلت في البحث عن ابنتها فقررت الرحيل إلى باريس ، وأخذت ترقص في الملاهي، ومرة فوجئت بأحد ضباط المخابرات "الألمانية" في حجرتها، وعرض عليها العمل مباشرة لحساب المخابرات "الألمانية"، وافقت وبدأت بتوطيد علاقاتها مع المسؤولين "الفرنسيين" وكبار قادة الجيش وأخذت المعلومات العسكرية تتسرب إلى "الألمان" على نحو أقلق رجال الأمن الفرنسي. وبدأت الحرب العالمية الأولى سنة "1914"، وإذ بالراقصة الحسناء تغدو ممرضة في جيوش الحلفاء، كان الضباط يعجبون بـ "ماتا هاري" الممرضة ويفتنون بها، وكانوا لا يكتمونها سراً فتلاقيهم تحت جنح الليل، إنها المرأة التي أتقنت ترويض الرجال، تنتزع من أفواههم المعلومات وتبعث بها إلى دائرة الجاسوسية الألمانية ، وبحكم علاقاتها الواسعة والشبهات التي تدور حولها، وضعت تحت المراقبة من قبل الأمن الفرنسي ليلاً نهاراً على أمل العثور على دليل إدانة واحدة يتيح لهم إلقاء القبض عليها ومحاكمتها. على الرغم من أنه لا يجوز اعتراض الحقائب الدبلوماسية وتفتيشها، فقد نجح رجال الأمن "الفرنسي" في التقاط خطابات بإسم "هـ -21" من إحدى الحقائب الدبلوماسية وراحوا يفحصونها بكل دقة، لقد أنكرت "مارتا هاري" وراحت تدافع عن نفسها وتؤكد ولاءها "لفرنسا" وإنها على استعداد للعمل من أجلها. وبدلاً من إدانتها، انتهت باتفاق أن تعمل لحسابهم نظراً لعلاقاتها القوية بعدد من العسكريين ، ووافقوا على ذلك وأرسلوها في مهمة سرية إلى "بلجيكا"، حيث التقت ببعض العملاء السريين الفرنسيين، وأعطتهم معلومات خطرة عن "الألمان"، وأصبحت "عميلة مزدوجة". لكن اللعب على الحبلين لا يدوم طويلاً خاصة مع الألمان الذين اكتشفوا أمرها وأرادوا أن يردّوا لها الصاع صاعين، وبدؤوا في مراسلتها بشكل صريح بخطابات مستخدمين شيفرة يفهمها "الفرنسيون"، مما جعل الفرنسيون يلقون القبض عليها بتهمة التجسس لحساب "الألمان"، مع وجود دليل قاطع يدينها وهو "الخطابات". وليس كل مرة تسلم الجرّة، فقد وقعت بين براثن "الأمن الفرنسي" المشهود له بقوته آنذاك، وفشلت في الدفاع عن نفسها، وتمت محاكمتها في "باريس" وصدر الحكم بإعدامها بالرصاص في 15 تشرين الثاني عام .1917

هبة سليم أخطر جاسوسات الموساد



هبة عبد الرحمن سليم عامر (وفاة 1974) تعتبر أخطر جاسوسة مصرية تم تجنيدها من قبل الموساد أثناء دراستها بالعاصمة الفرنسية باريس نجحت في تجنيد المقدم مهندس صاعقة فاروق عبدالحميد الفقي الذي كان يشغل منصب مدير مكتب قائد سلاح الصاعقة المصرية العميد (وقتها) نبيل شكري ورئيس الفرع الهندسي لقوات سلاح الصاعقة في بداية السبعينيات، وقد امدها بمعلومات حساسه جداً عن خطط الجيش الدفاعية ولا سيما حائط الصواريخ الذي كان يحمي العمق المصري. عاشت هبة حياة مرفهة، في بيت أسرتها الفاخر الكائن في ضاحية المهندسين الراقية، تقضي معظم وقتها في نادي “الجزيرة” الشهير، وسط مجموعة من صديقاتها اللاتي لم يكن يشغلهن حينذاك، سوى الصرعات الجديدة في الملابس، لم تكن هبة قد تجاوزت العشرين من عمرها عندما وقعت نكسة،1967 وكانت قد حصلت على شهادة الثانوية العامة، في عام 1968 ألحت على والدها الذي كان يعمل وكيلا لوزارة التربية والتعليم، في السفر إلى باريس لإكمال تعليمها الجامعي، وأمام ضغوط الفتاة، وافق الأب من دون أن يخطر على باله ولو للحظة واحدة، ما سوف تتعرض له ابنته في فرنسا، في البداية كانت تسعى للحصول على وظيفة لدى السفارة المصرية في باريس ولكنهم رفضوا توظيفها وحاولت لدى الملحق العسكري وقوبل طلبها بالرفض. وقد كانت من الذكاءان استطاعت بنشاطها في فرنسا ان تمد مدة اقامتها من بضعة اسابيع للدراسةإلى عامين كاملين وفي هذه المدة تم تجنيدها للموساد تدريجيا. حيث كانت فرنسا في هذا الوقت مليئة بعناصر الموساد السرية. في أول أجازة لها بمصر كانت مهمتها الأساسية تنحصر في تجنيد فاروق الفقي الذي كان يلاحقها ووافقت علي خطوبته وبدأت تسأله عن مواقع الصواريخ الجديدة التي وصلت من روسيا،كانت ترسل كل المعلومات الي باريس واستطاعت تجنيده ليصير عميلاً للموساد وتمكن من تسريب وثائق وخرائط عسكرية بها منصات الصواريخ "سام 6" المضادة للطائرات. أرسلت هبة ما حصلت عليه من معلومات من فاروق إلى باريس حيث ضابط الموساد الذي يتولاها برعايته وأرسل هذه المعلومات من فوره إلى تل أبيب التي سرعان ما توصلت إلى صحة هذه المعلومات وخطورتها فطلبت من رجلها في فرنسا أن يوليها اهتماما كبيرا، باعتبارها عميلة فوق العادة. كان جهاز المخابرات المصري يبحث عن حل للغز الكبير، والذي كان يتمثل في تدمير مواقع الصواريخ الجديدة أولاً بأول بواسطة الطيران “الإسرائيلي”، وحتى قبل أن يجف البناء وكانت المعلومات كلها تشير إلى وجود “عميل عسكري” يقوم بتسريب معلومات سرية جداً إلى "إسرائيل". رسمت المخابرات المصرية خطة برئاسة الفريق أول رفعت جبريل من أجل احضار هبة إلى مصر وعدم هروبها إلى إسرائيل إذا ما اكتشفت أمر خطيبها المعتقل، أرسل والد هبة برقية عاجلة لابنته فجاء ردها سريعا ببرقية تطلب منه أن يغادر طرابلس إلى باريس، حيث إنها حجزت له في أكبر المستشفيات هناك، وأنها ستنتظره بسيارة إسعاف في المطار،وأن جميع الترتيبات للمحافظة على صحته قد تم اتخاذها. ولكي لا تترك المخابرات المصرية ثغرة واحدة قد تكشف الخطة بأكملها. فقد تم إبلاغ السلطات الليبية بالقصة الحقيقية، فتعاونت مع الضابطين من أجل اعتقالها. وكان وقتها هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي قد حضر إلى أسوان لمقابلة الرئيس السادات، في أول زيارة له إلى مصر بعد حرب أكتوبر 1973 وفوجئ السادات به يطلب منه بناء على رغبة شخصية منجولدا مائير أن يخفف الحكم عليها، التي كانت تقضي أيامها في أحد السجون المصرية. وفطن السادات أن الطلب سيكون بداية لطلبات أخرى ربما تصل إلى درجة إطلاق سراحها. فنظر إلى كيسنجر قائلاً: “ تخفيف حكم؟ لقد أعدمت ”. وعندما سأل كيسنجر بإستغراب: “متى؟”. رد السادات دون أن ينظر لمدير المخابرات الحربية الذي كان يقف على بعد خطوات وكأنه يصدر له الأمر: “النهارده تم تنفيذ حكم الإعدام شنقاً في هبة سليم في اليوم نفسه في أحد سجون القاهرة على يد عشماوي.

كريستين كيلر..الجاسوسة العاشقة



شعرها امتزج بالرمادي وفي الوجه ارتسمت معالم ستة عقود قاسية، والفتنة الطاغية كادت تختفي كلياً، وما تبقى من ذلك الجسد، الذي كان يوماً يدير أعتى الرؤوس، يختفي اليوم بتواضع تحت ملابس محتشمة شعرها الذي كان ينساب كالشلال لم يعد يؤثر في النفوس،إنها كريستين كيلر ابنة الثالثة والستين (حاليا) التي تقطن الآن أحد أحياء الريف البريطاني وتكافح من أجل التخلص من ماضيها طوال 42 سنة مضت،لا أحد يعرف اليوم أنها تلك الفتاة التي أفقدت وزيرا منصبه وترنحت بسببها وزارة الدفاع البريطانية أقوى الوزارات على الإطلاق وأكثرها أسرارا أمنية. كريستين كيللير من مواليد 1943 هي عارضة ازياء بريطانية سابقة وشاءت الاقدار ان تعمل فتاة لاغراء الرجال. اثارت في ستينات القرن الماضي فضيحة سياسية في بريطانيا حين اقامت اتصالا بوزير الدفاع الانجليزي بروفيومو والملحق العسكري السوفيتي ايفانوف اثناء زياراتهما لملهى كانت تعمل فيه.واتضح ان كريستين كانت تصطاد اسرار وزير الدفاع البريطاني لتبيعها للدبلوماسي السوفيتي


اقرأ المزيد

فضيحة تهز الأمم المتحدة.. اليونيفيل متورط بتجارة غير شرعية بلبنان

فضيحة تهز الأمم المتحدة.. اليونيفيل متورط بتجارة غير شرعية بلبنان


وكالات - شبكة اخبار الشرق الاوسط الدولية: كشف تحقيق صحافي للبايس الإسبانية، تورط قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في لبنان، المعروفة باسم يونيفيل، في تجارة غير شرعية بأكثر من 4 ملايين يورو.
وأماط تحقيق الصحيفة اللثام عن تورط الجنود الغانيين والإيطاليين بشكل خاص في إعادة بيع المواد الغذائية التي تحصل عليها فرق القبعات الزرق التابعة للأمم المتحدة والمكلفة بمراقبة الهدنة بين لبنان وإسرائيل منذ نهاية الحرب الإسرائيلية على لبنان في 2006.
تموين 10 آلاف جندي
وأوضحت الصحيفة أن الحصص الغذائية التي تُرسل إلى 10 آلاف جندي من القوات الأممية في جنوب لبنان، تجد طريقها إلى خارج المقرات العسكرية الأممية، لتباع في الأسواق والمحلات التجارية اللبنانية.
وفي تقريرها قالت الصحيفة إن المتورطين في هذه التجارة، تعمدوا على امتداد سنوات تضخيم احتياجاتهم من المواد الغذائية والمعيشية المختلفة، لتجد الكميات الزائدة عن الحاجة طريقها سريعاً إلى أسواق ومحلات لبنان من الناقورة إلى بيروت نفسها مروراً بمدينتي صور وصيدا.
وكشف تقرير الصحيفة بالتفصيل طرق التضليل المعتمدة، وانتشار مخازن التهريب الكثيرة، والطرق المعتمدة لتزويد التجار اللبنانيين المتورطين في هذه التجارة أيضاً.
13 ألف يورو عن كل مركز
وحسب تقرير الصحفية الإسبانية، فإن حصيلة التجارة غير الشرعية لا تقل شهرياً عن 13 ألف يورو، عن كل مركز من مراكز التوزيع المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية والتي يبلغ عددها 21 مركزاً لتزويد قوات يونيفيل.
وعلى هذا الأساس فإن حجم الأرباح غير المشروعة يمثل ما لا يقل عن 5.7% من حجم الاعتمادات المالية السنوية المخصصة لقوات يونيفيل، التي تبلغ 14 مليون يورو سنوياً.
لامُبالاة
ولكن التحقيق حسب الصحيفة، رغم خطورته، فإنه لم يُثر اهتمام الأمم المتحدة ولا القوات المسلحة الإيطالية، التي اكتفت حسب الباييس بتأكيد إطلاقها "تحقيقاً في هذه المزاعم".
وفي بيروت جابهت السلطات الموقف بصمت مُطبق، وهي التي تعلم تمام العلم حسب التقرير حقيقة هذه التجارة والشبكة الكبرى المتورطة التي تضم شخصيات نافذة في الجنوب وفي بعض الوزارات في العاصمة اللبنانية.



اقرأ المزيد

صحيفة تركية تزعم: ميسي مذكور في «القرآن» وهذا هو سر تفوقه

صحيفة تركية تزعم: ميسي مذكور في «القرآن» وهذا هو سر تفوقه



انقرة - شبكة اخبار الشرق الاوسط الدولية: زعمت صحيفة تركية مقربة من حزب العدالة والتنمية، في مقال تحليلي جاد، أن سرّ تفوق ونجومية لاعب برشلونة الشهير ليونيل ميسي، يرجع إلى أنه معجزة الكرة العالمية بما أنه كائن "قرآني" ورد ذكره اسمه في القرآن الكريم حسب الصحيفة التركية، كما نقلت وكالة الأنباء التركية جيهان، اليوم الثلاثاء.
في مقال نشرته صحيفة "ميلاد" التركية وبقلم الكاتب الصحافي سليمان كراكولوك، وتحت عنوان بالبنط العريض، "اسم ميسي مذكور في القرآن"، توصل الصحافي التركي إلى نتيجة مفادها، أن عبقرية ميسي الكروية، تعود إلى ذكر اسمه في القرآن الكريم، وتحديداً في الآيات التي تتحدث عن"المسّ" أو "اللمس" مثل الآية 275 من سورة البقرة، أو الآية 79 من سورة الواقعة، أو غيرها من الآيات في مختلف السور القرآنية.
ودعم هذا "الفقيه" التركي موقفه بالاعتماد على شهادة صديق كما يقول مفتى "منطقة باغجيلار في إسطنبول" الذي أكد له أن المس يعني اللمس، أو اللمس بالتصادم.
وأنهى الكاتب مقاله بالقول إن ميسي، ترجمة فعلية لهذه المعاني، "فهو يصطدم بمنافسيه ويدمرهم بلمساته، قبل أن يُضيف أن كل هذه المسألة محاولة منه لتفسير سر تفوق ميسي، وإدخال البهجة على قراء الصحيفة".



اقرأ المزيد

هكذا تم اغتيال "المهندس" البطل يحيي عياش

هكذا تم اغتيال "المهندس" البطل يحيي عياش

تل أبيب - شبكة اخبار الشرق الاوسط الدولية: في يوم الذكرى السنوية التاسعة عشرة لاغتيال يحيى عياش، كشفت مصادر إسرائيلية أمنية معلومات جديدة حول جريمة الاغتيال، أبرزها أن عددا كبيرا من «العملاء الفلسطينيين» للاحتلال تم تجنيدهم للمخابرات (الشاباك)، وكانت مهمتهم الأساسية الوشاية بمكان وجود عياش، وبأسماء أي شخص يقيم علاقات معه، ومراقبة والديه وإخوته وأقربائه. وقالت هذه المصادر إن «المهندس» (هكذا كان يلقب يحيى عياش) قتل بعملية بالغة التعقيد تكنولوجيا، حيث تم تركيب هاتف جوال خاص لاغتياله، وإن اغتياله كان بمثابة «انتصار كبير على حماس»، و«تم الاحتفال به بزهو بالغ»، لدرجة أن رئيس الشاباك، كارمي غليون، حذر من الغلو في الزهو، وقال في الاحتفال لضباطه: «لا تغرقوا في سكرة النصر كثيرا، واستعدوا للبحث عمن سيقررونه قائدا لكتائب القسام مكانه». وذكرت هذه المصادر أن المخابرات الإسرائيلية طاردت عياش طيلة 3 سنوات، منذ أن ذكر اسمه أول مرة في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1992، عندما ضبطت 3 فلسطينيين في منطقة قريبة من تل أبيب، بينما يقودون سيارة مفخخة خططوا لتفجيرها في إحدى المناطق المأهولة. في حينه اعترف الثلاثة على عياش وقالوا إنه حضر السيارة بنفسه، وإنه يدرب آخرين على إعداد سيارات مفخخة أخرى. لكن القرار بتصفية عياش بشكل نهائي اتخذ في أبريل (نيسان) 1994، في أعقاب انفجار سيارة مفخخة في مدينة العفولة (قرب الناصرة)، في ذكرى الأربعين لمجزرة الخليل. في حينه، اعتبرت هذه واحدة من أضخم العمليات التفجيرية الفلسطينية في إسرائيل، مع أن عدد القتلى فيها كان 5 أشخاص. عندئذ قرر رابين إقامة وحدة خاصة لا هم لها سوى اغتيال عياش، لكن كل محاولات إسرائيل للقبض عليه فشلت، مع أنها في إحدى المرات كادت تمسك به وهو مختبئ في نابلس، لكنها تأخرت عنه بضع دقائق. وقد حاولت إقناع الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالتعاون في هذه المهمة، ولكن ياسر عرفات منع ذلك بالمطلق. وتم تجنيد خيرة العناصر الحربية في الجيش والمخابرات الإسرائيلية لتنفيذ المهمة، وفي الوقت نفسه عمل الشاباك على تفعيل شبكة من العملاء الفلسطينيين، وتم تفعيل أحد كبار الخبراء في التكنولوجيا الحربية الإسرائيلية، ليقوم بإعداد جهاز هاتف جوال ملغوم. ونجح الخبير في ذلك، فصنع بطارية خاصة للهاتف الجوال نصفها بطارية ونصفها مواد متفجرة (40 – 50 غراما) من نوع خاص جدا، يعتبر شديد الانفجار من جهة، ولكنه مكتوم الصوت. وما بقي هو أن يجدوا طريقة ليتسلم عياش الهاتف وليقتنع بأن يستخدمه. كان المطلوب فقط أن يحمله بيده ويقول «آلو.».. ولكن رابين كان قد اغتيل قبل أن يرى حلمه في اغتيال عياش قد تحقق، فحققه شيمعون بيريس بعد شهرين. وحسب الرواية الإسرائيلية فإن المخابرات تمكنت من تسليم الهاتف لعميل فلسطيني لإسرائيل، هو قريب لأسامة حماد، الذي كان عياش يختبئ عنده ذلك اليوم (5 يناير «كانون الثاني» 1996). وتؤكد الرواية الإسرائيلية أن العميل الفلسطيني لم يكن يعرف أن الهاتف ملغوم، ولكنه نفذ ما كان مطلوبا منه بحذافيره، فقد سلمه الهاتف، بوساطة القريب، وقام بقطع خيوط الهاتف الأرضي في ذلك البيت، ما أتاح تنفيذ المخطط. حصل عياش على الهاتف الجوال، في الساعة الثامنة والنصف من ذات الصباح، وكان من نوع «ألفا»، القابل للثني. أسامة حماد، صديق عياش المقرب الذي كان شاهدا على اغتياله، روى لاحقا أن الفلسطيني الذي أعطاه الهاتف طلب منه أن يبقيه في حالة تشغيل. وقال حماد إنه في تمام الساعة 8:30 اتصل به كمال حماد ووبخه لأن جهاز الهاتف كان مطفأ. قام أسامة بتشغيل الجهاز، وبعد دقائق معدودة انقطع خط الهاتف الأرضي في البيت بشكل مفاجئ. رن الهاتف الجوال في تمام الساعة 9:00 وكان على الخط والد يحيى الذي طلب التحدث مع ابنه. «أخذت له الهاتف الجوال وسمعت أنه يسأل عن صحة والده»، قال حماد. «خرجت من الغرفة لأتركه وحده». وبعد أن بقي عياش وحده في الغرفة، إشارة إلكترونية تم بثها إلى الهاتف الجوال أدت إلى تشغيل النظام محكم الصنع، الذي تم زرعه في الجهاز، وشغلت العبوة المتفجرة الصغيرة. لم يسمع أحد صوت الانفجار المميت الذي وقع. حين عاد حماد إلى الغرفة شاهد عياش غارقا في دمه. تحدث عبد اللطيف عياش، والد «المهندس» عن آخر مكالمة له مع ابنه: «حولوا المكالمة إليه وتحدثت معه. قال لي: كل شيء بخير أبي، انتبه لصحتك. وفجأة انقطعت المكالمة. اعتقدت أن السبب هو مشكلة بخدمة الاتصالات، حاولت معاودة مكالمته لكن الخط كان مقطوعا. أبلغوني عند الظهيرة بأنه قتل». كان عياش يعرف تماما أن إسرائيل تلاحقه. يقول رفاقه الفلسطينيون إنه كان يتبع إجراءات أمنية مشددة للحفاظ على حياته. اهتمت شبكة من المساعدين بنقله من مكان اختباء إلى آخر، وكذلك بتأمين المواد الغذائية له والمواد التي يحتاج إليها لأداء مهامه. وشدد على عدم المكوث لفترة طويلة في مكان واحد والتنقل بين شمال غزة وجنوبها، مع تغيير هويته ولباسه، بل كان يتخفى في صور عدة.


اقرأ المزيد

"عاصفة الحزم" ووقفة عربية ضد المشروع الإيراني (الحلقة الأخيرة)

"عاصفة الحزم" ووقفة عربية ضد المشروع الإيراني (الحلقة الأخيرة)


 شبكة اخبار الشرق الاوسط الدولية: استشعرت الدول العربية الخطر الإيراني الذي أصبح وشيكًا على المنطقة ككل، لما يعرف عن الطموحات التوسعية للجمهورية الإسلامية، التي تسعى لاسترجاع أحلام تكوين "إمبارطوريتها الفارسية" على أرض العرب، خاصًة بعد تسوية نزاعها مع دول الغرب حول الملف النووي، ما قد يؤدي إلى إطلاق يد إيران في دول الخليج العربي، بعد أن حصل الاتفاق والذي بموجبه تم الإقرار بحق إيران في امتلاك المعرفة النووية وتخصيب اليورانيوم. أدركت دول الخليج أن توسُّع جماعة الحوثي ذي التوجه الشيعي سيمثل خطورة عليهم، إذ ستصبح محاطة من جميع الجهات، ابتداءً بإيران ثم العراق وانتهاءً بشمال اليمن والمنطقة الشرقية بالسعودية، وسيكون لإيران حينها تواجد على البحر الأحمر من خلال الحوثيين. قرار المواجهة الاستراتيجية مع إيران اتخذ بالفعل وعبرت عنه المملكة إعلاميا في أكثر من مناسبة، فالمملكة ومعاها الدول العربية أكدوا أنهم لن يسمحوا لإيران بالتمدد وتنفيذ مخططاتها في المنطقة العربية، وظهر ذلك جليًا في عملية "عاصفة الحزم"، التي جاءت "لوضع حد لتوغل إيران في المنطقة، وخوفًا من أن تتحول اليمن إلى سوريا جديدة بكل ما فيها من صراعات أهلية ومذهبية، وتجنبًا لتدخل إيراني معروف وليس محتملًا فقط، لم يكن أمام المملكة العربية السعودية وحلفائها سوى التدخل بعمليات "عاصفة الحزم"، وهو ما اعتبره بعض المحللين "تحالفًا استراتيجيًا" للعرب لمواجهة النفوذ الإيراني في الإقليم وإعادة التوازن له.
تحذير خليجي لطهران
منذ سقوط العراق بتواطؤ أمريكي إيراني، ودول الخليج استوعبت الدرس وقررت ألا يتكرر ثانية، وعندما اندلعت الأزمة اليمنية أخذت السعودية ومجلس التعاون الخليجي على عاتقه أن تحل الأزمة داخلياً (أي عن طريق المجلس دون تدخل من الخارج). حيث كانت إيران هي المستفيد الوحيد مما جرى، فباتت العراق باحة خلفية وذراعًا تستخدمه ضمن سياستها الخارجية في التفاوض مع الدول الغربية، ووضعت الدول الخليجية باتت بين فكي كماشة حلقة تتجه نحو الاكتمال. ومع تحكُّمها في مضيق هرمز والخليج العربي واحتلالها لثلاث جزر إماراتية تتواجد إيران بقوة اقتصادية وبشرية هائلة في الإمارات والبحرين والكويت والمنطقة الشرقية بالسعودية، وتسعى حاليًا لمدِّ ذراعها إلى شمال اليمن المتاخم للحدود السعودية عبر دعمها اللوجيستي لجماعة الحوثي الشيعية. كما بدأت إيران تصعِّد من لهجتها في إيجاد منافذ لها على باب المندب وخليج عدن، وفتح جبهة جديدة لزيادة رصيدها لدى أمريكا والغرب في حال دخول إيران في مفاوضات قادمة، وهو ما يلوح في الأفق. وقبل بدأ "عاصفة الحزم" بأيام، وجه وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل انتقاده للتدخلات الإيرانية في شؤون اليمن، مُتهما إياها بأنها الخصم الرئيسي للمملكة في منطقة الخليج، حيث مُحاولاتها المُستمرة لإثارة الصراع الطائفي، كما تعهد أيضا بأن تتخذ دول الخليج العربية الإجراءات اللازمة ضد الحوثيين في اليمن، في حال فشل مجهودات التوصُل لحل سلمي يضع حدا لما تشهده اليمن من صراع. كما غرد نائب رئيس الشرطة والأمن العام بدبي، الفريق ضاحي خلفان، عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، محذرا من أنه في حال سقوط اليمن في أيدي الإيرانيين، ستكون كارثة لأمن الخليج.
الموقف الإيراني من "عاصفة الحزم"
عاصفة من التصريحات المهاجمة للمملكة على خلفية حملة "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين، فقد اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أن أي تدخل عسكري من الخارج ضد وحدة أراضي اليمن وشعبها لن تكون له أي نتيجة سوى مزيد من القتلى وإراقة الدماء، وتنفي إيران أي دور لها في استيلاء المتمردين الحوثيين على صنعاء لكن مسئولين إيرانيين انتقدوا الرئيس هادي لرفضه الاستقالة واتهموه بالسعي إلى مفاقمة الأزمة، وقال قادة كبار في الحرس الثوري الإيراني، إن الثورة الإسلامية الإيرانية صدرت الآن إلى المنطقة وخصوصًا إلى اليمن وسوريا والعراق، وحذرت مرضية أفخم، المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية من أن العملية العسكرية السعودية التي تشن في إطار تحالف ستزيد من تعقيد الوضع واتساع الأزمة، وقالت لن يكون لهذا العدوان أي نتيجة، إلا أنه لم يصدر أي موقف أو تصريح رسمي من قبل المسئولين السعوديين تجاه تصريحات ايران المختلفة، والذي بدا كأن تصريحات قادة الجمهورية الاسلامية في ايران لا تعني للرياض شيئا ولم ترعَ لها أي انتتباه. كما أرسلت إيران في 8 أبريل الجاري المدمرة "البرز" والفرقاطة "بوشهر" إلى خليج عدن ومضيق باب المندب لتأمين الملاحة البحرية الإيرانية في المياه الدولية (كما زعمت)، هذا غير المساعدات العسكرية واللوجستية التي قدمتها للحوثيين خلال حربهم ضد الموالين للرئيس عبد ربه منصور هادي.
الموقف الأمريكي
لا يمكن لإدارة الرئيس أوباما السماح للحرب في اليمن بتقويض الاستقرار داخل السعودية، كما أنها في الوقت الراهن، لا تقوم بعمل الكثير من الناحية العسكرية خوفاً من ان مثل هذا التدخل سيوتر العلاقات الأمريكية-الإيرانية، في هذا الوقت الحساس الذي تتم المحاولة فيه للتوصل الى اتفاق نهائي حول البرنامج النووي الإيراني. وقال وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري إن واشنطن لن تتخلى عن "أصدقائها" العرب في الخليج في مواجهة إيران التي اتهمها بتسليح الحوثيين في اليمن. وقال كيري إن الولايات المتحدة على علم بالدعم الذي تقدمه إيران لمسلحي الحوثي في اليمن، مضيفا"واشنطن لا تتطلع للمواجهة مع إيران، لكنها لن تتخلى عن حلفائها وأصدقائها والتضامن مع كل من يشعرون بالتهديد نتيجة خيارات قد تتخذها طهران". وبدوره قال نائب وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن، الأربعاء، إن الاتفاق النووي مع إيران لا يعني أن تسعى الأخيرة لزعزعة الاستقرار في المنطقة العربية، مؤكدا أن واشنطن تقف بحزم ضد هذه الأفعال. وأوضح بلينكن في لقاء خاص مع سكاي نيوز عربية أن واشنطن كانت واضحة مع الإيرانيين بأنها لن تسمح بأي أنشطة من شأنها زعزعة الاستقرار في دول الجوار. وقال :"إننا نتشارك مع أصدقائنا في الخليج والمنطقة القلق بشأن الأنشطة الإيرانية في سوريا واليمن والعراق ولبنان"، مضيفا :" سنقف ضد ذلك حتما". ويرى مراقبون أن دعم واشنطن لتحالف "عاصفة الحزم" بات ينذر بتقويض الجهود مع الدبلوماسية الإيرانية في الملف النووي التي قد تلد اتفاق تاريخيا نهاية يونيو المقبل وليضع حدا لعقوبات أممية وأمريكية على قطاعات الاقتصاد الإيراني.
إيران ونظرية فرق تسد
مع تطور عملية "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين لعب الإيرانيين على نظرية فرق تسد، في محاولة منهم لتفكيك التحالف العربي من مصادر قوته، فتارة لعبت على تفكيك أوتار التحالف المصري السعودي عن طريق نشر بيانات منسوبة لأحد الجانبين ضد الأخر وإشعال حرب إعلامية إلا أنها فشلت في ذلك، لمدى صلابة العلاقات المصرية-السعودية، إلا أنها اتجهت للجانب الآخر القوي الذي من الممكن أن يعطي للتحالف قوة إضافية ، جمهورية باكستان التي لها علاقات تاريخية مع المملكة العربية السعودةي، فضلاً عن أنها دولة إسلامية ذات توجه سني، إلا أن إيران لم تفشل في إبعادها عن تحالف "عاصفة الحزم". فتوجه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى إسلام آباد في الـ8 من إبريل الجاري، وعقد لقاءً مشتركًا مع نظيره الباكستاني حول الوضع في اليمن، وخلال مؤتمر صحفي مشترك وصف ظريف الوضع في اليمن بالمتفجر، محذرا من مخاطر عواقب الأزمة اليمنية على المنطقة كلها. كما دعا إلى التخلي عن أي تدخل خارجي في الشؤون اليمنية، مشيرا إلى أن استهداف الطيران السعودي لمستشفيات وجسور ومنشآت صناعية وغيرها من الأهداف المدنية في اليمن يؤكد ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار. وبعد يومين من الزيارة الإيرانية، أعلن البرلمان الباكستاني رفضه المشاركة في الحملة العسكرية التي تقودها السعودية الحليف المقرب لباكستان، حيث صوت البرلمان الباكستاني في الـ10 من إبريل الجاري على رفض المشاركة في "عاصمة الحزم"، ردا على طلب سعودي للانضمام إلى الحلف. وتجدر الإشارة هنا إلى أن باكستان السنية هي القوة النووية الإسلامية الوحيدة، التي كانت من الممكن أن توفر رادعا حاسما لإيران في أي مواجهات مستقبلية محتملة.
توقف العاصفة وبداية إعادة الأمل
في 21 أبريل الجاري أعلنت قيادة التحالف عن توقف عملية عاصفة الحزم وبدأ عملية إعادة الأمل، وذلك بعد أن أعلنت وزارة الدفاع السعودية إزالة جميع التهديدات التي تشكل تهديدا لأمن السعودية والدول المجاورة، وبعد أن تم تدمير الأسلحة الثقيلة والصوراريخ البالستية والقوة الجوية التي كانت بحوزة ميليشيا الحوثيين والقوات الموالية لصالح. .........................................
منذ قيام نظام الجمهورية في إيران والعلاقات بين هذه الدولة ودول الجوار، وخاصة في منطقة الخليج، تمر بمنعطفات وتحولات، فتارة تصل إلى حدة التأزم وتارة يلوح بصيص أمل في التحسن والتطور، وهذه التصرفات الإيرانية ليست مستغرَبَة، لكن الخوف هو أن ينخدع البعض بما تقوم به من عمليات مكياج لتحسين صورتها أمام العرب عندما تقدم نفسها بأنها النصير الأوحد لقضايا الأمة، وهي في الخفاء تحيك المؤامرات لتدميرها والتحالف حتى مع من زعمت أنهم من أعدائها وأطلقت عليهم أشنع الأوصاف. بقي أن تكثف الجهود الدعوية لصد التمدد الإيديولوجي الصفوي، وإحباط المؤامرات الإيرانية، ولكن يبقى لنا أن نتسائل، هل من أمل في أن تُعَدِّل إيران من سلوكها وتصرفاتها، وتكف شرها وتدخلاتها!!.
كما ينبغي للعرب أن يفسدوا ذلك الحلم الاستعماري قبل أن يكون كابوسًا يصحو عليه الجميع


اقرأ المزيد

“اتفاق لوزان” والكابوس النووي لدول الخليج “إيران دولة نووية” (الحلقة الخامسة)

“اتفاق لوزان” والكابوس النووي لدول الخليج “إيران دولة نووية” (الحلقة الخامسة)



شبكة اخبار الشرق الاوسط الدولية : وسط تطمينات واهية وتحركات مسرعة ومخاطر محدقة تعيش منطقة الخليج العربي هذه الأيام في كابوس حقيقي يتمثل في الإعلان عن والتعامل مع دولة نووية إيرانية، في ظل وجود مؤشرات كثيرة تدفع باتجاه التوصل لاتفاق نهائي بشأن البرنامج النووي الإيراني، خاصة بعد اتفاق الإطار الذي تم بين طهران والقوى الكبرى أو ما يعرف بمجموعة (5+1) وعلى راسها الولايات المتحدة الأمريكية نهاية الشهر الماضي.
"الخطوة التاريخية"
"إنها خطوة تاريخية"، بهذه الكلمات وصف الرئيس الأميركي باراك اوباما اتفاق الإطار مع طهران بشأن ملفها النووي، معتبراً أنه سيمنعها من الحصول على سلاح نووي، وسيجعل العالم أكثر أمانا. هكذا صرح أوباما في بيانه المتلفز بعد الاتفاق مع إيران، واتفق معه في هذا الرأي كل من وزير خارجيته جون كيري، ومفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ووزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وروسيا (فيليب هاموند، لوران فابيوس، وسيرجي لافروف).


وكانت طهران قد أبدت مرونة حول حجم وأبعاد برنامجها النووي، إلا أنها لا تتساهل في قضية ايقاف هذا البرنامج، بل تعتبر الدعوة الى تجميده وايقافه خطا أحمر، وفي نفس الوقت فان الغرب لم يعد مصرا على تعطيل وتجميد البرنامج النووي شرط أن يبقى في مستوياته الدنيا. وتوصلت إيران ومجموعة الدول الكبرى الست إلى اتفاق إطار لحل أزمة البرنامج النووي الإيراني في مدينة لوزان السويسرية نهاية مارس الماضي، في خطوة أساسية على طريق التوصل إلى اتفاق نهائي بحلول الثلاثين من يونيو المقبل.
الاحتفالات تعم طهران
وفي العاصمة الإيرانية طهران، نزل مئات الإيرانيين إلى شوارعها للاحتفال باتفاق الإطار الذي تم التوصل إليه في مدينة لوزان السويسرية بين الدول الكبرى وإيران حول برنامجها النووي. وسير المحتفلون مواكب سيارة في جادة والي العصر، ما أدى إلى توقف السير في جزء من هذه الجادة التي تجتاز العاصمة من جنوبها إلى شمالها، فيما أطلق السائقون العنان لأبواق سياراتهم بينما راح المشاة يغنون ويرقصون على الرصيف.
تداعيات الإتفاق على الخليج
أصبحت دول الخليج العربي على موعد مع دولة "جارة" نووية ستزداد قوة إلى قوتها الحالية وعنجهية إلى عنجهيتها الراهنة بما سيفتح شهيتها نحو مزيد من التغلغل والتدخل في الشؤون الخليجية والعربية والاستمرار في السعي نحو الحلم القديم، حلم الإمبراطورية" ، إضافةً إلى تطوير دورها التخريبي الذي تقوم به سواء عبر تدخلاتها المباشرة أو عبر وكلائها وأتباعها وأذرعها من اشخاص وجماعات وأحزاب يلعبون دور سفراء للنوايا الإيرانية السيئة ووزراء خارجية لتلك الدولة الإيرانية ومدافعين عن أمنها وسلامتها ومنفذين لسياستها ويمثلون أدوات طيعة في يد الجمهورية الإسلامية. وعلى الصعيد الخليجي، تحدث الرئيس الأميركي باراك أوباما مع عدد من قادة دول مجلس التعاون الخليجي لإطلاعهم على تفاصيل ذلك الاتفاق، ودعاهم إلى اجتماع قمة معه في منتجع كامب ديفد لبحثه. وقد أشار بعض المحللين المختصين في شؤون الشرق الأوسط أن دول الخليج -خاصة السعودية- تتخوف من أن ذلك قد يكون مقدمة نحو اعتراف بتصاعد القوة الإيرانية في الخليج وباقي أنحاء المنطقة. وما يزيد القلق لدى الكثيرين المهتمين بالملف الإيراني وخطره على منطقة الشرق الأوسط بالكامل، هو تحذيرات المعارضة الإيرانية قبل أيام قلائل من أن حكام طهران ماضون في برامجهم للحصول على سلاح نووي، كاشفة عن موقع نووي سري جديد تخفيه طهران عن وكالة الطاقة الذرية وعن القوى العظمى التي تشارك في المفاوضات. وتباينت الآراء في صفوف المحللين والمراقبين لشؤون المنطقة بشأن تداعيات ذلك الاتفاق على سياسات التسلح في منطقة الخليج، وتحديدا في ما يخص السلاح النووي، حيث رجح البعض أن يطلق الاتفاق سباق تسلح نووي في المنطقة بينما استبعد كثيرون حصول ذلك، إلا أنهم يكادوا يجمعوا على أن الاتفاق سيكون باعثا على ارتفاع نفقات التسليح لدى بلدان الخليج العربي رغم التراجع الحاد لأسعار النفط. ومن جانبه توقع المحلل مير جواد أنفر -وهو إيراني المولد ومحاضر في الشؤون الإقليمية في مركز هرتسيليا بإسرائيل- أن تتصدى دول الخليج لتأثير إيران في المنطقة خاصة في العراق واليمن وسوريا، ورجح أن يتواصل ذلك التصدي بعزيمة أقوى مما سبق وبطريقة موحدة.
تحذيرات من اتفاق "لوزان"
لقي هذا الاتفاق معارضة من بعض الشخصيات والمحللين المتخصصين في الشرق الأوسط، فنجد رئيس مجلس النواب الأميركي جون بينر، ينتقده قائلاً: "إن إطار الاتفاق الذي أعلن يمثل "انحرافاً مثيراً للقلق" عن أهداف أوباما المبدئية"، مضيفاً "في الأسابيع القادمة سيواصل الجمهوريون والديمقراطيون في الكونغرس الضغط على هذه الإدارة بشأن تفاصيل هذه المعايير والأسئلة الصعبة التي بقيت بدون إجابات." وقد حذر بعض المحللين السياسيين من الاتفاق النووي الإيراني وتداعياته الإقليمية والدولية، مشددين على أن العرب سيعتبرون مخطئين تمامًا إذا عدّوا الاتفاق النووي الإيراني مسألة تفاصيل لم يُتفق عليها بعدُ، أو إذا اكتفوا بعدّ أنفسهم بندًا على قائمة الأضرار الجانبيّة للعلاقة "الأميركية ـ الإيرانية". فالتحدي الكبير هو تحوّل العرب إلى الذات الرئيسة الفاعلة في تاريخهم على الأقل، وهذا غير ممكن من دون دول إقليميّة قويّة أو اتحاد دول، وأيّ منها غير ممكن من دون إصلاحٍ في البنى السياسية لأنظمة الحكم العربية. وأضافوا أنّ اتفاق الإطار الذي جرى التوصل إليه بين إيران والقوى الكبرى هو بمثابة تتويج لصيرورة تحولات تاريخية دولية وإقليمية، لعل أبرزها هو تراجع الإدارة الأمريكية عن التدخل في الخارج، وصعود روسيا وتحالفها مع الديكتاتوريات ضدّ التدخل الأجنبي، وصعود الشعوب العربية كقوةً على مسرح التاريخ مطالبةً بالحرية والكرامة، وبنظام حكم ديمقراطي. وأشاروا إلى التمدّد الإيراني الإقليمي عبر تقاطع مصالحها مع الولايات المتحدة في أفغانستان عام 2001، وفي العراق عام 2003، ومع نهوض الشعوب العربيّة الثوري عام 2011 لم تقف إيران مع تطلعات الشعوب، بل استغلّت هشاشة الدول العربية لتوسيع نفوذها. في حين أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الرئيس الأميركي باراك أوباما أن اتفاق الإطار حول الملف النووي الإيراني، يهدد بقاء إسرائيل، حيث يمهد الطريق أمام إيران لحيازة القنبلة الذرية. كما وصف مسؤول إسرائيلي الاتفاق بأنه "خطأ تاريخي، وسيؤدي إلى اتفاق نهائي سيء وخطير"، مضيفاً أنه "يمنح شرعية دولية للبرنامج النووي الإيراني الذي هدفه الوحيد صنع القنبلة النووية"، حيث ستواصل طهران تخصيب اليورانيوم وستواصل الأبحاث والتطوير في ما يتعلق بأجهزة الطرد المركزي ولن تغلق أياً من منشآتها النووية بما فيها موقع فوردو تحت الأرض".
من يقود المواجهة ضد التوغل الإيراني!!
إذا كانت السعودية وتركيا يعمل كل منهما بطريقته الخاصة لمحاربة النفوذ الإيراني، فإن كلاهما يتنافس مع الآخر لقيادة الدول السنية في المنطقة في مواجهة إيران التي تحاول استعادة أمجادها السابقة عن طريق استعادة علاقاتها الطبيعية مع الولايات المتحدة الأمريكية وسعى الأخيرة إلى التخلص من إرثها الثقيل في الشرق الأوسط. وتتنافس كل من تركيا والسعودية على قيادة الدول السنية لاحتواء تطلعات إيران الإقليمية، لكنه في الوقت الذي مازالت فيه تركيا في مرحلة التصريحات والمواقف الدبلوماسية بدأت السعودية قيادة عملية عاصفة الحزم ضد المتمردين الحوثيين "الذراع الإيراني في اليمن"، وأصبحت وجهة السنة في العالم العربي لتجعل مكانتها الدينية مقترنة بمواقف قوية تضمن لها مرتبة القيادة. تركيا تريد أن تكون قائدا للدول الإسلامية السنية في الشرق الأسط، لكنها تواجه منافسة من السعودية التي بدأت في الآونة الأخيرة تسحب البساط من تحت أقدام الأتراك الذين وصف البعض مواقفهم بأنها مجرد تصريحات سياسية لا ترقى إلى حد الأفعال. وفي ذات الأثناء فإن تركيا لديها بعض التحفظات في تحد طهران، فهي تدفع في اتجاه طرق غير مباشرة مثل دعم المعارضة الإسلامية في سوريا وتوطيد مواضع أقدام لها في اقتصاد كردستان العراق، في ذات الوقت الذي تعمل فيه بصورة مباشرة مع الحكومة الشيعية في بغداد، لكن مؤهلاتها كدولة قيادية في مواجهة السعودية ستبقى رهن التساؤلات.
سيناريوهات محتملة
وفي سياق مختلف، حلل الدكتور عبد الوهاب القصّاب، الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، انعكاسات الاتفاق النووي الإيراني على التشكيل الجيوستراتيجي في المشرق العربي، وأكّد أنّ هناك سيناريوهين ممكنين يرتبطان بالطريقة التي سيعيد بها النظام الإيراني توجيه جهده وبنتائج عاصفة الحزم. وأوضح أنّ السيناريو الجيد يتوقع أن تصل «عاصفة الحزم» إلى تحقيق نتائجها النهائية وإعادة الشرعية إلى اليمن، وهو ما سيجعل الطرف الإيراني يدرك أنه ليس من مصلحته الذهاب نحو صراع إقليمي في هذا الوضع؛ لأنّ هناك طرفًا عربيًا يثبت أنه موجود ورقم مهمّ في المنطقة. أمّا السيناريو الأسوأ، فيتوقع أن يؤدي الاتفاق إلى تفرّغ إيران لإعادة بناء قوتها التسليحية، في مقابل تخلي السعودية والدول المشتركة في «عاصفة الحزم» عن المضي في العملية إلى غاية تحقيق أهدافها الكاملة، وهو ما سيعطي إشارة إلى عجز الطرف العربي عن فرض «التوافق بالردع» ويفسح لإيران مجال تدخلٍ أوسع في المجال العربي. أمّا السيناريو الأسوأ، فيتوقع أن يؤدي الاتفاق إلى تفرّغ إيران لإعادة بناء قوتها التسليحية، في مقابل تخلي السعودية والدول المشتركة في «عاصفة الحزم» عن المضي في العملية إلى غاية تحقيق أهدافها الكاملة، وهو ما سيعطي إشارة إلى عجز الطرف العربي عن فرض «التوافق بالردع» ويفسح لإيران مجال تدخلٍ أوسع في المجال العربي. إلا أنه يوجد سيناريو أخر بعيداً عن تحليل "القصاب" وهو تلك التصريحات التي كان كبار أمراء الأسرة الحاكمة قد ذكروها مرارا، عن أنهم في الرياض سيسعون للحصول على نفس الحقوق النووية التي تتفق القوى العالمية عليها مع إيران في المحادثات التي جرت في مدينة لوزان في سويسرا، ولمحوا أيضا إلى أنه اذا فشلت المفاوضات في منع طهران من امتلاك أسلحة نووية فإن المملكة ستسعى لامتلاكها. وقال «عبد العزيز بن صقر» رئيس مركز الخليج للأبحاث ومقره جدة وجنيف «إذا امتلكت إيران قنبلة نووية فإن السعودية سيكون عليها أن تفكر بجدية شديدة في موازنة ذلك، السعودية لن تقف مكتوفة الأيدي». ولم تغب عن الدول التي تفاوضت على الاتفاق المبدئي الإيراني فكرة أن المملكة وغيرها من دول الشرق الأوسط يمكن أن تسعى للحصول على نفس الشروط التي تحصل عليها إيران بموجب الاتفاق لإنشاء برامج نووية سلمية خاصة بها. وتعثر البرنامج النووي السعودي المقترح في السنوات الأخيرة بسبب خلافات على نطاقه وأي الهيئات الحكومية ستتولى السيطرة عليه لكن على الرغم من ذلك وقعت الرياض اتفاقيات للتعاون النووي مع عدة دول. ................
على الدّول العربيّة التي تخشى هذا التمدّد الإيراني أن تعمل على طرح مشروع دولة إقليميّة أو تعاون دول وطنية يمكنها التصدي للمشروع الإيراني، وظهر ذلك جلياً في التحالف العربي في اليمن، ولكننا لا نطالب بأن يكون التحالف عسكرياً فقط، بل أن يكون أكثر تعاوناً في كافة المجالات)، كما ظهرت بوادر تحالفات إقليمية أخرى بين المملكة السعودية وتركيا لمواجهة التمدد الإياني في المنطقة.



اقرأ المزيد

الغزو الفضائي الإيراني للمنطقة العربية.. وخطوة نحو "الحلم" (الحلقة الرابعة)

الغزو الفضائي الإيراني للمنطقة العربية.. وخطوة نحو "الحلم" (الحلقة الرابعة)

 شبكةاخبار الشرق الاوسط الدولية: في ظل المطامع الفارسية للدولة الإيرانية في المنطقة العربية وعلى الرغم من اتباعها لسياسة رقابية صارمة على ما يدخل إلى بيوت مواطنيها، فإنها تستثمر أموالاً طائلة في وسائل غزوها الفضائي للعرب، وذلك بعد أن حشدوا الكثير من الخبرات والتقنيات عالية الجودة للتأثير عليهم من خلال القنوات الفضائية، فالتبشير الشيعي ممنهج جداً، ويقتحم البيوت العربية من خلال الأقمار الصناعية التي تشرف عليها الحكومات العربية من أهل السنة. وبلا أي مقدمات، ولكن بنية مبيتة وتوجه واضح بدأت تغزو فضاءنا التلفزيوني مجموعة من القنوات التلفزيونية ذات التوجه الشيعي، والممولة في غالبيتها من إيران، وهي تسعى جاهدة لنشر مفاهيم مختلفة عن مجتمعاتنا، وإعادة كتابة التاريخ وفق ما يتناسب مع الرؤية الإيرانية الشيعية في روايته. المتابع لوسائل الإعلام في الآونة الأخيرة يجد أن هناك حمى فضائية متسارعة وأحيانًا متصارعة في سياق متوازٍ مع حمى الاستقطاب الديني والطائفي في منطقتنا، ونستطيع بكل صراحة أن نقول: إن الفضائيات الشيعية أصبحت ظاهرة في الإعلام العربي وهي ظاهرة جديرة بالدارسة والرصد للموقوف على أخطارها وأثارها على حاضر ومستقبل الأمة.
بذخ إيراني على الساحة الإعلامية
لا يغيب عن كل مهتم بوسائل الإعلام ذلك الفرق الهائل بين "ما كان" و "ما أصبح" في مجال الترويج للأفكار والتأثير على المتلقي، بين عهد المنشورات وعهد الفضائيات، فالمنشورات حينما كانت الوسيلة المتبعة من قبل أصحاب المشاريع الفكرية أو السياسية كانت توزع في نطاق ضيق جداً، وربما لم يكن الناس يقبلون عليها و من وصلت إلى يديه منهم ربما لم يكن يوليها الكثير من الاهتمام، وينتهي بها المطاف إلى القمامة. ولم يدخر الإيرانيون جهداً في استغلال الفرص المتاحة أمامهم من عجز العرب من حولهم وملئ الفراغ الناجم عن غيابهم في الساحة الإعلامية السياسية، والقنوات الفضائية، شئنا أم أبينا، تدخل علينا في غرف جلوسنا، بل في غرف نومنا أيضاً، ولم تعد اليوم تصلنا قصراً عبر شاشات التلفاز، بل وأيضاً عبر الإنترنت من خلال أجهزة الحاسوب أو الهواتف النقالة. وتتمتع إيران بقدرات إعلامية هائلة يقابلها في الجانب العربي -المتوجس من السياسة الإيرانية- عجز مريع، فنجد على سبيل المثال لا الحصر أن إيران تمول نحو 35 فضائية شيعية في العراق فقط، وكثير من الإذاعات والصحف المحلية والمؤسسات الإعلامية هناك، ولعلنا بعد انتخابات 2005 في العراق رأينا نتاجاً عملياً لهذا النفوذ الإعلامي، حيث وصل المالكي المعروف بولائه الشيعي لإيران إلى سدة الحكم في تلك الانتخابات. وعلى العكس تماماً من ذلك، نحد الداخل الإيراني مفروض عليه عزلة إعلامية، فضلاً عن حجب الكثير من الوسائل الإعلامية العالمية عنه، حيث يعتبر اقتناء صحن تلقي البث الفضائي وجهاز توليف القنوات الفضائية من الممنوعات التي يمارسها كثير من الناس سراً وفي مخالفة للقوانين والإجراءات المعمول بها، كما أنه ليس متاحاً بسهولة في إيران، ما بات مظهراً عادياً من مظاهر الحياة في معظم دول العالم، ولذلك تجد المواطن الايراني يسترق السمع بحثاً عن المعلومة باذلاً الجهد في سبيلها بينما الاموال التي تضخ من قبل النظام في ايران لبث الدعاية السياسية للخارج تكاد تكون بلا حدود أو قيود.
سحر الإعلام ونشر الأفكار
كانت البداية عبر "سَحَر" الفضائية الإيرانية الناطقة بالعربية، والتي اشتهرت ببرامج الشيخ علي الكوراني والشيخ حبيب الكاظمي وغيرهم، وبدأ بثها في العام 1980 بساعة واحدة يوميًا، حتى وصلت ساعات البث إلى عشرين ساعة يوميآ، وركزت تلك القناة في بدايتها على الحرب العراقية الإيرانية ووضعت في استراتيجيها تمجيد الثورة الخمينية وشرح مزاياها مع بعض الغناء الكربلائي والبرنامج الدينية الشيعية، إلا أنها كانت محدودة الأثر بسبب الأوضاع السياسية في تلك الفترة، وسرعان ما تغير اسمها إلى فضائية الكوثر. ثم خرجت بعدها "الأنوار" التي اصبحت في وقتها أول قناة شيعية عربية دينية كاملة، حيث ان التوجه كان ديني اجتماعي فقط، دون سياسي. وظهرت قناة (المنار) اللبنانية التابعة لحزب الله، وقد بدأت بثّها على المحطات الأرضية في العام 1991 ميلادية ثم أصبح بثها فضائيا منذ عام 2000 ميلادية، وإن كانت الظروف السياسية وفقت عائقًا أمام انتشار قناة الكوثر إلا أنها أفادت قناة المنار بشكل كبير فقد أفادت قناة المنار من الظرف السياسي بشكل كبير حيث اكتسبت قاعدة عربية أوسع، بسبب ارتباط مابين القناة والمقاومة اللبنانية الإسلامية، كم أن بثها الفضائي ترافق مع انسحاب القوات الإسرائيلية المحتلة من الجنوب اللبناني. مما أعطى لها زخمًا ساعد على سرعة انتشارها في الأوساط العربية. ويحتوي القمر الصناعي المصري " نايل سات" على العديد من القنوات الإيرانية أو التابعة لها، فنحو 30 قناة تقدم المنهج أو التفكير الشيعي موزعة ما بين قنوات للأطفال، أو قنوات إخبارية وحوارية، قنوات اقتصادية وتعليمية، قنوات فنية وتراثية، وأخيراً القنوات الدينية التي تمثل الأكثرية في القائمة. أما بالنسبة للقمر الصناعي "عرب سات" فعليه حوالي 13 قناة شيعية "موجودة أغلبهم على النايل سات"، وجميع تلك القنوات تصاغ مادتها الإعلامية وفق العقيدة الشيعية وموجهة لخلخلة عقيدة أهل السنة والجماعة بل والسعي لتشييع أكبر قدر ممكن منهم ليصبح الولاء لإيران. وجود مثل هذه القنوات بتلك التوجهات على الأقمار الصناعية العربية تشكل خطورة غير عادية على الأمن القومي للدول، وتكوين قطاع عريض من المواطنين المفتونين بالرموز الشيعية بل والمتشيعين أحياناً، وحينها سيكون ولاؤهم لإيران وليس لدولهم، كما أن خطر التشيع والولاء لإيران وقتها قد يطول بيوت المسئولين أنفسهم والمستقبلة لهذه القنوات عبر التلفاز لتختل دوائر المسئولية مستقبلاً. ولعل من أهم تلك الفضائيات "الأنوار الأولى - الأنوار الثانية - الحجة - المعارف - فورتين - قناة المهدي - "قناة فدك" - الفرات - بلادي - كربلاء - الثـقلين - الغدير - الاوحد - العهد - الكوثر - المنار - المسار - المسار الأولى - الكوت - العالم - مجموعة العراقية - الفرقان - طه - السلام - بريس تي في - الاتجاه - هدهد للاطفال - - IFilm قناة الأفلام - هادي للاطفال - قناة الولاية - قناة المصطفى - الامام الرضا - الدعاء الفضائية - الصراط الفضائية - النعيم الفضائية، ... وغيرها. وقد أثارت بعض تلك القنوات جدلا واسعا في الوسط الديني بشكل عام، مثل قناة "فدك" الفضائية المملوكة لهيئة خدام المهدي في لندن، وذلك بسبب مجاهرة القناة بمظلومية أهل البيت وتنتقد أعدائهم بشكل واضح وصريح، أما القناة الثانية فهي قناة "اللؤلؤة" التي تعرضت للتشويش ثم قطع البث بمجرد بدأ بثها على قمر النايل سات، وهي التي ظهرت بعد الثورة في ممكلة البحرين، بالإضافة لقناة "أهل البيت" التي توقفت بعد أن تم التشويش على بثها لمدة ثلاث سنوات، لانها تقوم بتغطية الشأن البحريني وعادت الآن عبر قمر مجاور لـ"النايلسات". ورغم كل تلك النجاحات الكبيرة والاختراقات المهمة، لم يلبث الاعلام الايراني أن تلقى ضربة قوية، لا أظنه تعافى منها حتى الآن، بسبب الموقف من ثورة سورية، فالموقف المؤيد للنظام في سورية عرى الازدواجية و النفاق السياسي لهذا الاعلام الذي وقف مع ثوار تونس ومصر وليبيا، إلا أن موقفه تغير تماماً مع بداية الثورة السورية. فروج لنظرية مفادها أن ما يجري في سوريا إنما هو مؤامرة إمبريالية دولية على المقاومة والممانعة، بينما تراه يمجد ثورة البحرين ويعتبرها انتفاضة مشروعة ضد الظلم والطغيان، وهذا تفسير للحدث لم يلق تعاطفاً ولا قبولاً لدي عامة الشعوب العربية والإسلامية. ولعل هذا الانكشاف أمام الجماهير، والذي أدى إلي عزوفها عن مشاهدة قنوات مثل "العالم" أو "المنار" أو Press TV هو الذي دفع الإيرانيين أو بعض أنصارهم إلى تمويل إنشاء قناة عربية جديدة، هي "الميادين"، في محاولة متجددة لاختراق الساحة الإعلامية العربية من خلال خطاب داعم للموقف الإيراني ولكن بأسلوب أكثر نعومة.
التشيع الناعم
هناك أكثر من أربع قنوات مخصصة للطفل، وهي تبث برامجها الكرتونية وأغانيها، دون أي رقيب أو حسيب، وقد تبدو الصورة في ظاهرها غير مؤذية، فالغرض هو التسلية، لكن الحقيقة هي غير ذلك طبعاً، فنجد تلك القنوات تبث مغالطات كثيرة تصب في خدمة القضية التي أطلقت من أجلها وهي نشر التشيع، وذلك من خلال أفلام كارتون وأناشيد على مدار اليوم منها على سبيل المثال وليس الحصر كرتون يومي اسمه «صلاتي» من المفترض أنه يذاع من أجل تعليم الأطفال الصلاة والصوم وغيرهما، و نجد مشهدا يتكرر كثيراً وهو لفتاة تصلي حيث تضع الفتاة حصاة عند السجود، وهذه الحصاة كما هو معلوم هي تقليد شيعي وتسمى «التربة الحسينية»، وقد تدفع متابعة الأطفال مثل هذه الصلاة إلى تقليدها في ظل غياب رقابة الأهل، وتحاول تلك القنوات التأكيد على أن المذهب الشيعي هو الطريق لدخول الجنة!. كما تتمثل خطورة القنوات الشيعية التي تطعن في الصحابة وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم، في محاولتها ترويج الضلالات الشيعية، وقذف الشبهات العقيدية في أوساط أهل السنة والجماعة، وبنظرنا فإن أخطر ما في هذه القنوات هو ترك أطفالنا فريسة لسموم قنوات الأطفال الشيعية، والمتمثلة في تلك الجرعة المكثفة من البرامج الموجهة للأطفال سواء كانت من خلال قنوات مخصصة للأطفال، أو حتى برامج متفرقة في باقي القنوات الشيعية، فجميعها مصاغة وفق رؤية عقدية شيعية تنجرف بالأطفال غير المراقبين من الآباء، أو أبناء الأسر المغيبة إلى الهاوية.
الاحتواء الإيراني لشيعة العرب
تمول إيران العديد من الفضائيات الشيعية في الكثير من البلدان العربية، وكثير من الإذاعات والصحف المحلية والمؤسسات الإعلامية، ومن خلالها تروج للمشروع الشيعي وتصديره إلى الدول العربية عامةً ودول الخليج خاصة، وبات واضحاً عند غالبية المتابعين أن لكل حزب أو حركة أو مليشيا شيعية في المنطقة قناة تلفزيونية تروج لها ولبرامجها، وتشن حملات إعلامية ضد خصومها، ويدير هذا الأخطبوط الإعلامي الشيعي الضخم مؤسسات إعلامية إيرانية واسعة الخبرة والتمويل المالي. والقنوات الشيعية الممولة إيرانياً تسوق مشاريعها وتروج لها حسب ما رسم لها في طهران، فتمارس أدوارا نقدية لاذعة ضد خصومهم السنة من خلال فتح حوارات مباشرة مع الجمهور، وهذا بدوره يجسد الأزمة بين السنة والشيعة، وبالنهاية يكون الإعلامي الشيعي قد وصل إلى أهدافه المرسومة من قبل الممول الإيراني والاستراتيجية التي تريد إيران تطبيقها في المنطقة. وعندما نتكلم عن احتواء إيران لشيعة العراق مثلاً، فإنهم قد عملوا بعدة مسارات أولها احتواء الرموز الدينية، وفتح المجال لتدفق المخابرات الإيرانية إلى العراق، وتسخير الإعلام، وصرف الأموال الطائلة لهذا الغرض، وهذا كله يجعل شيعة العراق تحت تحكم إيران تستخدمهم حسب إرادتها وضمن برامجها للتأثير في السياسة الإقليمية والدولية وقت الحاجة إليهم "كما يحدث الآن" في أزمة تنظيم "داعش" في العراق وسوريا، وبنفس الطريقة في اليمن عن طريق تمويلهم لجماعة "الحوثيين" (وهذا ما سنتناوله في حلقاتنا القادمة).
والأهم من كل هذا الأن أننا في عصر اشتبك فيه الديني بالسياسي، فأصبح من العسير التفريق بينهما، ومخاطر تلك القنوات الشيعية لا يقف عند حدود العقيدة والدين، لكنها تمتد لتلامس الأوضاع السياسية للدول السنية، وأمنها القومي بالشكل الذي يؤثر على استقرار تلك البلاد ومستقبلها.
.....................
لا يوجد لدى العرب المتوجسين من المشروع الإيراني وسائل إعلامية مؤهلة لتوجيه رسائل سياسية أو تحليل سياسي إلى الشعوب الإيرانية رغم أهمية الوصول الى شارعهم غير المنسجم بمجمله مع النظام الإيراني. علينا أن نتذكر أن ما نبثه يصبح عديم الفائدة بل ومضيعة للمال والجهد إذا لم يجذب قطاعاً مقدراً من المشاهدين المستهدفين بالبث، ومعظم القنوات السنية التي تتكلم عن المشروع الايراني تخاطب شريحة ضيقة من المشاهدين تنسجم توجهاتها مع توجه القائمين على هذه القنوات والمحددين لسياساتها التحريرية.


اقرأ المزيد

إيران والخليج والنزاعات المستمرة "الحلقة الثالثة"

إيران والخليج والنزاعات المستمرة "الحلقة الثالثة"

خاص- شبكة اخبار الشرق الاوسط الدولية:

تغير الوضع الإستراتيجي لصالح القوة الإيرانية المتنامية في المنطقة الممتدة من شواطئ لبنان على البحر الأبيض المتوسط وحتى شواطئ اليمن على بحر العرب والبحر الأحمر، ومن الجولان المحتل وحتى طول سواحل الخليج العربي ومنها بالطبع الحدود العراقية الإيرانية، سواء من الناحية الإيديولوجية أو من ناحية النفوذ الأمني والتعبوي لجميع الدول الموجودة ضمن هذا المجال الحيوي، بغض النظر عن حجم استقلالها وقوة حكوماتها.
الهلال الشيعي
كان العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، قد حذر في حديث لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في التاسع من ديسمبر عام 2004 من سعي إيران لتشكيل "هلال شيعي" يضم العراق وسوريا ولبنان، مضمنا بذلك التحذير مخاوف قد تطال استقرار دول الخليج التي تقطنها أقليات شيعية. وقال الملك عبد الله حينها "إن أكثر من مليون إيراني دخلوا العراق بتنسيق من حكومة طهران والأحزاب المتعاونة معها في النظام السياسي العراقي الجديد للمشاركة في الانتخابات، التي كانت حجر الأساس الأول لانسياح إيراني منظم داخل هذا البلد العربي الكبير، ومن ثم خلخلة التوازن القائم بين شيعته وسنته على أمل تقليص العامل العربي القومي لصالح الطائفي المذهبي".
النزاع الإيراني السعودي بعد الثورة الإسلامية
نقلت الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 العلاقات "الإيرانية-السعودية" من نطاق التنسيق والتعاون بين نظامين ملكيين، شكّلا معًا منذ مطلع السبعينيات ركيزتي "مبدأ نيكسون" لملء الفراغ في الخليج، إلى نظامين متنافسين خصمين يتنازعان القيادة والنفوذ في المنطقة، فمثلت إيران القطب الشيعي وتزعمت الرياض القطب السني في المنطقة. ومع الوقت تحول الخلاف بينهما إلى معركة أيديولوجية وسياسية، فالنظام الجديد في طهران طرح نموذجًا مختلفًا للإسلام السياسي، ينافس السعودية على قيادة العالم الإسلامي. رسمت الحرب العراقية-الإيرانية أولى محطات الصراع العلنية بين البلدين، اللذين كانا إبان حكم الشاه في إيران حليفين ضد النظام العراقي القريب من الاتحاد السوفيتي، فتحالفت السعودية مع العراق ضد إيران، ووفرت لها دعمًا سياسيًا وماليًا دوليًا وعربيًا على مدى سنوات الحرب الثماني. *وبعد الحرب الطويلة التي أنهكت كلا البلدين، دخلت العلاقات الإيرانية-السعودية مرحلة جديدة بالكامل، فانتقلت من الصراع الثنائي إلى التنافس على النفوذ الإقليمي، لتصبح علاقات متداخلة ومتشابكة مع مجمل تفاعلات النظام الإقليمي في الشرق الأوسط، إلا أنه ورغم الاختلافات السياسية والأيديولوجية بين البلدين، تكثفت الجهود الإيرانية لمد جسر علاقات مع السعودية خلال رئاسة هاشمي رفسنجاني (1989-1997)، ومن بعده محمد خاتمي (1997-2005). وبعد الاطاحة بالأقلية السنية التي ينتمي إليها صدام حسين من الحكم بعد الاجتياح الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003 وتولي حكومة شيعية الحكم، أطلقت الرياض اتهاماتها لواشنطن بتأجيج عاصفة طائفية في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وتغيير موازين القوى لصالح الجانب الإيراني.
إيران والعراق والحرب الحدودية
تشكل الحدود العراقية الإيرانية إحدى المسائل التي تسببت في إثارة الكثير من النزاعات في تاريخ العراق، لا سيما أن العلاقات بين البلدين اتسمت وعبر التاريخ بالشد والجذب، وغلب عليها التوتر والعداء في مراحل كثيرة، ابتداء من العهد العثماني حينما كان العراق تحت السيطرة العثمانية وحتى اليوم، وهذا على الرغم من أن الحكومة العراقية الحالية تعتبر (بحسب مراقبين) حليفة لإيران، لا سيما أن غالبية الأحزاب المشاركة في العملية السياسية كانت تعد إيران المأوى الآمن لها من النظام السابق. ترجع أصول الخلافات "العراقية- الإيرانية" إلى الخلافات الناشئة حول ترسيم الحدود بين البلدين، وقد بقيت هذه الخلافات مشكلة عالقة في العلاقات الإيرانية العراقية لا سيما حول السيادة الكاملة على شط العرب. ففي عام 1969 من القرن الماضي ألغى شاه إيران محمد رضا بهلوي من جانب واحد اتفاقية الحدود المبرمة بين إيران والعراق عام 1937، وطالب بأن يكون خط منتصف النهر هو الحد ما بين البلدين، لتحتل عام 1971 البحرية الإيرانية الجزر الإماراتية طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وقطعت العراق علاقاتها بإيران في ديسمبر 1971، لتشمل الخلافات أيضا احتلال إيران المناطق الحدودية وهي قوس الزين وبير علي والشكرة. وبدأ الصدام العسكري بين البلدين في عام 1972، وازدادت الاشتباكات على الحدود، وزاد نشاط الحركات الكردية المسلحة في الشمال، وبعد وساطات عربية وقعت العراق وإيران اتفاق الجزائر سنة 1975، واعتبر على أساسه منتصف النهر في شط العرب هو خط الحدود بين إيران والعراق، وتضمن الاتفاق كذلك وقف دعم الشاه للحركات الكردية المسلحة في شمال العراق. إلا أن عام 1979 شهد تغيراً جذرياً في البلدين فقامت الثورة الإيرانية التي أطاحت بحكم الشاه، وتقلد الخميني زمام الأمور في إيران، فيما أصبح الرئيس الراحل صدام حسين رئيساً للجمهورية العراقية، وشهدت العلاقات بين البلدين تدهوراً كبيراً أدى لقيام حرب الثمان سنوات الشهيرة بينهم. وترجع المصادر بدايات الحرب إلى الاعتداء الإيراني بقصف بلدات على الحدود العراقية في 4 سبتمبر 1980، فاعتبر العراق ذلك بداية للحرب فقام الرئيس الأسبق صدام حسين بإلغاء اتفاقية (الجزائر لعام 1975) مع إيران في 17 سبتمبر 1980، واعتبار مياه شط العرب كاملة جزءا من المياه الإقليمية العراقية، وفي 22 سبتمبر 1980 هاجم العراق أهدافا في العمق الإيراني، وبدأت إيران بقصف أهداف عسكرية واقتصادية عراقية. كما أعلن صدام أن مطالب العراق من حربه مع إيران هي: الاعتراف بالسيادة العراقية على التراب الوطني العراقي ومياهه النهرية والبحرية، وإنهاء الاحتلال الإيراني لجزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى في الخليج العربي عند مدخل مضيق هرمز، وكف إيران عن التدخل في الشؤون الداخلية للعراق.
إيران والإمارات وخلاف الجزر الثلاث
الجزر الثلاث المختلف عليها بين ايران والامارات العربية المتحدة هي طنب الكبرى وطنب الصغرى، وابو موسى، وتقع بالقرب من مضيق (هرمز) في مدخل الخليج، في منتصف المسافة الفاصلة بين الساحل الايراني ودولة الامارات، وتكمن الاهمية الاستراتيجية لهذه الجزر في موقعها الجغرافي هذا، وكذلك في وجود حقول نفط غنية في قاع البحر بالقرب منها. ويعود الخلاف حول الجزر الثلاث الى حوالي مائة عام، حيث طالبت ايران بالملكية عليها، بداعي انها كانت جزءا من اراضيها منذ القدم. الا ان بريطانيا التي فرضت حمايتها على منطقة الخليج منذ بداية القرن التاسع عشر، رفضت المطالبة الايرانية، ومع ذلك لم تتخل ايران عن مطالبها الاقليمية في الجزر الثلاث، ولكنها لم تثر هذه المطالبة طوال فترة السيطرة البريطانية على المنطقة. وبعد إعلان بريطانيا عن رفع حمايتها عن منطقة الخليج عام 1971، جددت ايران مطالبتها بالسيادة على الجزر الثلاث، وهددت باستخدام القوة، اذا لم تلب هذه المطالبة. وازاء هذا التهديد، بادرت بريطانيا الى عقد مفاوضات بين امارة الشارقة وايران، اسفرت عن اتفاق نص على تقسيم جزيرة ابو موسى، وهي اكبر الجزر الثلاث، بين الدولتين، مع اقتسام عائدات النفط المستخرج من حقول الجزيرة مناصفة بينهما، إلا أن هذا الاتفاق لم يحسم مسألة السيادة على الجزيرة، اذ نص على ان ايران وامارة الشارقة لا تتخليان عن مطالبهما في جزيرة ابو موسى، ولا تعترف احداهما بمطالب الاخرى. وبالفعل استولت ايران على مناطق من جزيرة ابو موسى غداة مغادرة القوات البريطانية منطقة الخليج في اواخر عام 1971، ثم فرضت دولة الامارات العربية المتحدة، التي اقيمت في بداية العام التالي، سيطرتها على بقية اجزاء جزيرة ابو موسى، عقب انضمام امارة الشارقة اليها، وتم تقسيم العائدات النفطية بين ايران ودولة الامارات من حقول جزيرة ابو موسى، حسب الاتفاق المذكور. وفي عام 1980 عقب ثورة اية الله خميني والاطاحة بحكم الشاه، طرحت دولة الامارات مطالبها بالسيادة على الجزر الثلاث امام منظمة الامم المتحدة، الا ان حرب الخليج التي اندلعت بين العراق وايران في العام ذاته، ابقت الخلاف حول الجزر في سباته. وتجدد الخلاف عام 1992، حين استولت ايران على جزيرة ابو موسى كلها، ثم على جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى، الامر الذي اثار معارضة عارمة من جانب دولة الامارات العربية المتحدة، التي اعتبرته انتهاكا لحقوقها في هذه الجزر، ومنذ منتصف التسعينات ازدادت حدة الخلاف بين الدولتين، بعد ان عمدت ايران الى اتخاذ اجراءات لاحكام سيطرتها على جزيرة ابو موسى، منها بناء مهبط للطائرات في الجزيرة، واقامة مشاريع مدنية اخرى. كما عمدت ايران الى زيادة حجم قواتها المرابطة في جزيرة ابو موسى، وتعزيزها بدبابات ومدافع وصواريخ. وازاء الاجراءات الايرانية التي شكلت خرقا واضحا لاتفاقية عام 1971 ، طرحت دولة الامارات الموضوع في اطار مجلس التعاون الخليجي، الذي بادر عام 1999 الى انشاء لجنة ثلاثية لبحث الموضوع مع ايران، ثم اقترح رفع الخلاف بشان الجزر الى محكمة العدل الدولية في لاهاي، الا ان ايران رفضت التعاون مع اللجنة الثلاثية، بل واصلت خلال السنوات في مساعيها لترسيخ سيطرتها على الجزر الثلاث، الامر الذي حدا قبل عدة اعوام بدولة الامارات الى تقديم شكوى الى مجلس الامن الدولي.
خليج عربي أم فارسي!!
الخليج العربي هو ذراع مائية لبحر العرب يمتد من خليج عمان جنوبا حتى شط العرب شمالا بطول 965 كيلومترا، وتبلغ مساحته نحو 233،100 كيلومتر، ويفصل بين شبه الجزيرة العربية وجنوب غرب إيران، وتطل عليه ثماني دول هي العراق والكويت والسعودية وقطر والإمارات وعُمان وإيران كما تحيط مياهه بدولة البحرين. ترى إيران أن لها الحق في السيطرة على سائر الخليج العربي، وتعتبر سواحله الغربية أنها كانت مستعمرات تابعة لمملكة الفرس قبل الإسلام، كما أنها تعتبر "الخليج الفارسي" هي التسمية الوحيدة التي أطلقت على الخليج، وتنكر وجود أي اسم آخر. في حين يرى أغلب العرب أن اسم "الخليج العربي" تاريخي وقديم، وأنه مبرر لأن ثلثي سواحل الخليج تقع في بلدان عربية، بينما تطل إيران على حوالي الثلث، وأنه حتى السواحل الإيرانية تقطنها قبائل عربية سواء في الشمال (إقليم الأحواز) أو في الشمال الشرقي في العديد من مدن إقليم بوشهر مثل بوشهر وعسلوية وبندر كنغان أو في الشرق في بندر لنجة وبندر عباس،(حيث كانت دولة القواسم مسيطرة على تلك البلاد حتى ضمتها إيران)، كما أن العرب يشكلون سكان أهم جزيرتين مسكونتين في الخليج العربي وهما جزيرة البحرين وجزيرة قشم بالإضافة إلى أن العرب يشكلون السكان الأصليين لجميع الجزر المأهولة في الخليج العربي قبل ظهور النفط، وبالتالي فمن الأولى تسمية الخليج وفق الشعب الذي يسكن جزره وسواحله، هذا بالإضافة إلى أنه منذ عام 1935، لم تعد تسمية "بلاد فارس" موجودة سوى في السجلات التاريخية بعدما أصدر الشاه الإيراني رضا شاه بهلوي مرسوماً قضى بتغيير اسم بلاده إلى "إيران"، فكيف من المنطقي أن يشار إلى الخليج بـ"الفارسي". لذلك بعد أن أعلنت مؤسسة ناشيونال جيوغرافيك عن كتابة اسم الخليج العربي إلى جانب الخليج الفارسي، في أطلسها الجديد، وأشارت إلى الخلاف على الجزر الثلاث بين إيران ودولة الإمارات العربية واعتبرت «ان طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى محتلة من إيران وتطالب الإمارات العربية بالسيادة عليها»، غضب القوميون الفرس، واتهموا المؤسسة بتلقي الرشاوي، واتهموها كذلك بأنها «بتأثير من اللوبي الصهيوني، وبدولارات النفط من بعض الحكومات العربية قررت تشويه واقع تاريخي لا يمكن نكرانه»، متناسية أن اسرائيل نفسها تستعمل مصطلح "الخليج الفارسي". وكان للخلاف على تسمية الخليج العربي بين العالم العربي وإيران عدد من الانعكاسات وردود فعل على مستوى الدول، من أبرزها: تصريح لسفير الكويت في إيران في فبراير 2010 أن التسمية ليست موطن خلاف، وأن تسميته بالخليج العربي تمت تحت ظرف سياسي معين وأن اسمه سيظل الخليج الفارسي. ألغت إيران الدورة الثانية من ألعاب التضامن الإسلامي يناير 2010 بسبب اعتراض العرب على تدوين كلمة "الخليج الفارسي" على قلائد البطولة وجميع وثائقها، وكان العرب قبل ذلك اقترحوا كتابة لفظة الخليج فقط، لكن إيران واجهتهم بالرفض. وفي لقاء في طهران بين أحمدي نجاد وحمد بن خليفة آل ثاني مايو 2006، قال الأخير في معرض حديثه عن منتخب إيران لكرة القدم، أن نجاح المنتخب إيران في مونديال 2006 سيسعد سكان الخليج العربي الفارسي فرد عليه نجاد موبخا: أعتقد أنك كنت تقرأ اسمه الخليج الفارسي عندما كنت بالمدرسة! ......
دول الخليج العربي بحاجة فعلية إلى خطة عمل إستراتيجية واضحة للتعاطي مع التمدد الإيراني على أسس وطنية وقومية وإعلامية واثقة ومحددة، تواجه من خلالها المشروع الإيراني بكامله ومن ضمنه كل الأطراف المتحالفة مع طهران، خاصة مع اقتراب الإعلان عن دولة نووية إيرانية، بعد ظهور المؤشرات الكبيرة التي تدفع باتجاه التوصل لاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني بين طهران والقوى الكبرى وعلى راسها الولايات المتحدة الأمريكية.


اقرأ المزيد

حرب الخليج وبداية فرض حلم "الإمبراطورية" على العالم العربي (الحلقة الثانية)

حرب الخليج وبداية فرض حلم "الإمبراطورية" على العالم العربي (الحلقة الثانية)


شبكة اخبار الشرق الاوسط الدولية: شهدت الأحداث السياسية في كل من العراق وإيران في عام 1979، تطورات بارزة حيث أعلن في إبريل عن قيام الجمهورية الإسلامية في إيران ليتولى بعدها الخميني منصب المرشد الأعلى للثورة الإسلامية وهو المنصب الأعلى في النظام السياسي الإيراني في حين أصبح صدام حسين رئيسا للجمهورية العراقية في يوليو 1979 خلفا للرئيس أحمد حسن البكر الذي أعلن أنه استقال من منصبه لأسباب صحية. لم تتوقف طموحات الخميني عند الإطاحة بحكم الشاة واقامة ما يسمى بالجمهورية الإسلامية التي تحكم بولاية الفقيه، وانما امتدت هذه الطموحات لتكون حلم قديم قد ساور الجميع هناك، حلم العودة إلى الماضي واستعادة الإمبراطويرة الفارسية والنفوذ الممتد على طول الأراضي العربية، ولكن بصبغة إسلامية تحت راية الخلافة. كما وجه الخميني الذي جعل نفسه "هبة إلاهية" للعرب والمسلمين، شعار "تصدير الثورة" في وجه الحكام العرب، وأخذ في التخطيط للحصول على ثروتهم النفطية الهائلة، التي يراها كفيلة لتمويل امبراطوريته الفارسية الشيعية.
التوجه الإيراني نحو الخليج
تحشد إيران قواها فى منطقة الخليج العربي من أجل تحقيق حلمها الذي طالما تسعى إليه الثورة الخمينية وهو الهلال الشيعي بمنطقة الشرق الأوسط يضم دول الخليج والعراق والأردن حتى سورية ولبنان. قام الخميني بوضع الايات الشيعية خريطة طريق له لتحقيق مشروع الإمبراطورية بالتمدد في الوطن العربي، وذلك عن طريق مجموعة محددة من النقاط: 1- احتواء التيار الديني في العالم العربي وتوجيهه نحو خدمة المصالح الايرانية وفي هذا المجال صدرت التعليمات الى الدبلوماسيين الايرانيين لاقامة علاقات وصلات مع زعماء الحركات الاسلامية(السنية) ودعوتهم لزيارة ايران حيث يمكن اقامة علاقات تنظيمية ومالية تساعد على جعل هذه الحركات نصيرة لايران اوعلى الاقل منسجمة مع طروحاتها وخير مثال الحركات الاسلامية الموالية لايران في لبنان وفلسطين. 2- زيادة عدد المساجد والحسينيات الشيعية والتوسع في اشهار وانتشار الاحتفالات كاحتفال يوم عاشوراء ويوم المولد والعزاءات في الدول المستهدفة، بل إن العديد من الحسينيات مدعومة مباشرة من حزب(الله) الشيعي اللبناني. 3- ضرب الاسس الثلاثة التي تبنى عليها الدول وهي القوة(السلطة الحاكمة)-العلم(العلماء والباحثين)-الاقتصاد الذي هو اساس الحركة في المجتمع وعصب الحياة، وهم تجاه هذه المحاور الثلاثة يقومون بتشتيت رؤوس الاموال ونقلها من الدول المستهدفة الى دولتهم. 4- السيطرة على دول الخليج تعني لهم السيطرة على حلقوم الكرة الارضية من حيث المخزون النفطي وهذا يوضح كثرة انتشارهم وتغلغلهم في شركات النفط في الخليج العربي حتى إن ايران اتفقت مع قطر على ادارة مشتركة لحقل الغاز المتنازع عليه بين الدولتين. 5- تحسين العلاقات مع الدول العربية المجاورة لايران وانشاء علاقات ثقافية وسياسية واقتصادية معها تمهيدا لغزوها عقديا وفكريا. 6- شراء الاراضي والعقارات عن طريق عملائهم حتى لو كانوا من ابناء الدول المستهدفة. 7- نسج علاقات حميمة وصداقات متينة مع اصحاب رؤوس الاموال والموظفين الاداريين وكبار رؤوس الدولة والاساتذة الجامعيين والمثقفين والمفكرين، واغرائهم بالهدايا الثمينة تدفعهم ليبيعوا دينهم ويخونوا بلادهم. 8- يعتبر الشيعة العرب رأس حربة وحصان طروادة الذي يسهل للمشروع الشيعي الفارسي اقتحام العالم العربي لذلك عليهم الانخراط والانتشار في جميع الوظائف الحكومية والقطاعات العسكرية وذلك لسيطرة على اهم ثغور المسلمين كما هو الحال في الجنوب اللبناني. 9- اثارة الصراعات ونشر الفتن في الدول المستهدفة من اجل اضعافها. وقد نصبت الجمهورية الخمينية نفسها على أنها منارة للثورة تحت شعار "لاشرق ولاغرب"، داعيةً الشعوب العربية إلى الثورة لتغيير ما وصفته بالظلم الاجتماعي والملكيات والتأثير الغربي، والفساد في الشرق الأوسط وباقي أنحاء العالم، وبناء على نهج الخميني قامت إيران بتصدير الثورة إلى الدول المجاورة ممثلا ذلك باحداث سلسلة من الانفجارات في الجامعة المستنصرية شبيهة بتلك التي سبقت القيام بالثورة الإيرانية في محاولة لتأجيج الشارع العراقي ومن ثم القيام بالثورة في العراق على غرار الثورة في إيران ، كما قامت أيضا بقصف بعض المناطق الحدودية في محافظتي ديالى والكوت ما اعتبره العراق خرقا لاتفاقية الجزائر ومحاولة من إيران لغزو العراق. فقام الرئيس العراقي صدام حسين بإلغاء اتفاقية الجزائر لعام 1975 مع إيران في 17 سبتمبر 1980 واعتبار مياه شط العرب كاملة جزءاً من المياه الإقليمية العراقية، وفي 22 سبتمبر 1980 هاجم العراق أهدافًا في العمق الإيراني، وردت إيران بقصف أهداف عسكرية واقتصادية عراقية، لتبدأ حرب الخليج الأولى التي استمرت حتى عام 1988، عندما قبل الخميني هدنة بوساطة الامم المتحدة.
مخطط "نوجة" وبداية الحرب
مخطط "نوجة"، هو حدث تاريخى عظيم يكاد لا يذكره مؤرخ ولا يضمّه كتاب تاريخ كمثل كل الأحداث المشابهة له، فـ“نوجة” كانت مخطط إنقلاب عسكرى أتبع الثورة الإسلامية فى إيران بقرابة العام، قامت بالتخطيط له كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة الأردنية الهاشمية والجمهورية العراقية وبعض الضباط الإيرانيين الموالين لرئيس وزراء الشاه السابق “بختيار شابور” الذى فرَ إلى باريس إبان الثورة الإيرانية، وقد أُطلق علي مخطط الإنقلاب العسكرى “نوجة” تيمنا بقاعدة جوية فى همذان، إلا أن هذا المخطط فشل وانتهى بإعدام أغلبية الضباط الإيرانيين المشاركين فيه. إلا أن الرئيس العراقي صدام حسين قرر إتمام المخطط بدون معونة الضباط الإيرانيين، ليبدأ بذلك حرباً ضروساً دامت 8 سنوات عجاف حصدت أكثر من مليون قتيل ولم تبق ولم تذر. بعد قيام الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 تأزمت العلاقات السياسية بين العراق وإيران، حيث تبادل البلدان سحب السفراء بدءا بسحب السفير الإيراني من العراق في 8 مارس 1980 وخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي في 4 سبتمبر 1980 اتهم العراق الإيرانيين بقصف البلدات الحدودية العراقية، واعتبر العراق ذلك بداية للحرب.
حرب الخليج الاولى والتمويل الإسرائيلي لإيران!
حرب الخليج الأولى، هي حرب نشبت بين العراق وإيران من سبتمبر 1980 حتى أغسطس 1988، أطلق عليها من قبل الحكومة العراقية آنذاك اسم "قادسية صدام" بينما عرفت في إيران باسم "الدفاع المقدس"، وقد خلفت الحرب نحو مليون قتيل، وخسائر مالية بلغت 400 مليار دولار أمريكي، وعرفت تلك الحرب بأنها أطول نزاع عسكري في القرن العشرين، وواحده من أكثر الصراعات العسكرية دموية، كما أثرت الحرب على المعادلات السياسية لمنطقة الشرق الأوسط وكان لنتائجها بالغ الأثر في العوامل التي أدت إلى حرب الخليج الثانية والثالثة. وفي أثناء الحرب حصلت كل من إيران والعراق على كميات كبيرة من الأسلحة والمواد الأخرى المفيدة في تطوير التسليح وأسلحة الدمار الشامل. كانت الميليشيات الكردية التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في شمال العراق تدعم إيران، فكلا المؤسستين تناهض حكم حزب البعث في العراق على أرض الواقع بدعم من إيران، في حين كان الحزب الإيراني المسلح المنشق "مجاهدي خلق" يدعم العراق وكان يشتبك مع القوات الكردية الموالية لإيران في شمال العراق بالقرب من الحدود الإيرانية. وبحسب تقارير غربية، قامت إسرائيل بعمليات إمداد أسلحة للجانب الإيراني عن طريق بيع أسلحة قيمتها 75 مليون دولار أمريكي من مخزون الصناعات العسكرية اليابانية وصناعات الطيران الإسرائيلي ومخزون قوات الدفاع الإسرائيلية، في عمليات سيشل عام 1981. كما قدرت مبيعات الأسلحة إلى إيران إجمالاً بـ 500 مليون دولار أمريكي في الفترة من عام 1981 إلى 1983 وفق ما ذكره معهد جيف للدراسات الإستراتيجية في جامعة تل أبيب، ولقد تم دفع معظم هذا المبلغ من خلال النفط الإيراني المقدم إلى إسرائيل، "وفقًا لأحمد حيدي" تاجر الأسلحة الإيراني الذي يعمل لصالح نظام الخميني، 80% بالكاد من الأسلحة التي اشترتها طهران" بعد شن الحرب مباشرةً أنتجت في إسرائيل. فضلاً عن قيام سرب الطائرات القتالية إف-16 فاينتج فالكون التابعة لـ القوات الجوية الإسرائيلية، بحراسة الطائرة إف-15 إيغل، بقذف المفاعل النووي "أوزيراك" في العراق وتدميره، "بحسب الصحفي نيكولاس كريستوف، لولا هذا الهجوم "لامتلك العراق السلاح النووي خلال الثمانينيات، ولكان لديها محافظة اسمها الكويت وجزء من إيران ولعانت المنطقة من الدمار النووي". في حين كان الممولون الماليون الأساسيون للعراق هي الدول الخليجية الغنية بالنفط، ومن أبرزها المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة. إلا أن المسؤولين الإيرانيين أثناء وبعد الحرب أصروا على نفي حصولهم على مساعدات من إسرائيل التي كانوا يدينونها باعتبارها "دولة غير شرعية"، ولقد أنكر آية الله روح الله الخميني، زعيم إيران أثناء الحرب، غاضبًا أن إسرائيل قد أرسلت أسلحة إلى إيران، وأكد في خطبة ألقاها يوم 24 أغسطس 1981، أن أعداء إيران يحاولون النيل من الثورة الإسلامية الإيرانية بنشر إشاعات كاذبة عن التعاون بين إسرائيل وإيران، وأن صدام حسين ما هو في الواقع سوى حليف لإسرائيل ودفعها لقصف وتدمير منشآت مفاعل أوزيراك النووي العراقي.
إيران ما بعد الحرب
في أعقاب الحرب بين إيران والعراق، ركز الرئيس الإيراني أكبر هاشمي رفسنجاني وإدارته على السياسة المؤيدة لقطاع الاعمال في عملية إعادة بناء وتعزيز الاقتصاد دون أي تقاطع دراماتيكي مع أيديولوجية الثورة. وقد نجح رفسنجاني بواسطة الاصلاحي المعتدل محمد خاتمي ومع ذلك، يعتبر على نطاق واسع سياسة خاتمي بأنها كانت فاشلة في تحقيق هدفه المتمثل في جعل إيران أكثر حرية وديمقراطية. وفي الانتخابات الرئاسية عام 2005، انتخب المرشح الشعبوي المحافظ محمود أحمدي نجاد، لمدة أربع سنوات بعد حصوله على 62.5 % من الأصوات، بعد انتهاء الولایة الثانیة للرئیس محمد خاتمي، كما فاز بنسبة قريبة منها أيضاً في الانتخابات الرئاسية عام 2009 وهي 62.63% من الأصوات، في حين حل منافسه مير حسين موسوي في المرتبة الثانية بنسبة 33.75 ٪. .....
في ظل الطموحات والهواجس المتلاطمة لدى العرب بين حلم إيراني بالـ"إمبراطورية الفارسية" وطموحات الأتراك باستعادة أمجاد "الخلافة العثمانية" ناهيك عن أحلام "الدواعش" بالخلافة الإسلامية على طريقتهم المتطرفة البعيدة عن سماحة الدين، ولا ننسى حلم الاحتلال بـ"اسرائيل الكبرى" من النيل إلى الفرات، في ظل كل هذه المخاطر التي تحيط بالوطن العربي، هل لنا أن نتسائل أين هي استراتيجية العرب للدفاع عن أمنهم القومي، وضمان موطئ قدم في خارطة جديدة تتشكل للإقليم، أم انهم سيكتفون بتكريس خلافاتهم وصراعاتهم!!.


اقرأ المزيد

مؤشر الزيارات

facebook

اخر التعليقات

شارك معنا

تغريدات تويتر

أحاديث الحبيب عليه الصلاة والسلام

Check Page Rank
تصميم و تطوير : midestnews
اخبار الشرق الاوسط الدولية © 2016